في ظل المراوحة القاتلة وإبقاء المواقف على حالها، لا شيء في الأفق يوحي بتسجيل أي خرقٍ يُذكر في الملف الحكومي، وكأن الاتصالات التي أجراها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون انتهت مفاعيلها لتعود حكاية إبريق الزيت إلى ما كانت عليه في بداية الأزمة. ولم يتغير شيء من لاءات الثنائي الشيعي، ولا في موقف رؤساء الحكومات السابقين، كما لم يتغير شيء في واقع أن لبنان ينهار بالكامل.
مصادر مواكبة وصفت هذا التشدّد عبر "الأنباء" بأنه "ينطلق من أمرين: محلي ويتعلق بإدراج اسم المعاون السياسي للرئيس نبيه بري، النائب علي حسن خليل، على لائحة العقوبات الأميركية التي يعتبرها بري ضربة موجهة إليه شخصياً، وكانت عين التينة بالنسبة للموفدين الأميركيين إلى لبنان تشكّل نقطة الوصل.
أما الأمر الآخر، فمفاده أن إيران تعمل على تأخير تشكيل الحكومة إلى ما بعد الانتخابات الأميركية المقررة في الثالث من تشرين الثاني المقبل، ومعرفة من سيكون سيّد البيت الأبيض، دونالد ترامب أو جو بايدن، وبناءً عليه تقارب إيران الملف اللبناني".
وفي ظل تشدّد رؤساء الحكومات السابقين في موقفهم أيضاً، كشف عضو كتلة "الوسط المستقل" نقولا نحاس عبر "الأنباء" أن، "الأمور كانت في بداية الأسبوع أفضل بكثير مما عليه الآن، وكان التفاؤل بقرب تشكيل الحكومة واضحاً جداً"، مشيراً إلى أن "الرئيس نجيب ميقاتي غير مرتاح لمسار الأمور، ولا يزال يأمل خيراً من بعد الاتصالات التي أجراها الرئيس الفرنسي".
وعن إمكانية تشكيل الحكومة الأسبوع المقبل، تمنى نحاس ذلك، لكنه ليس متأكداً من أن الأمور أصبحت ناضجة، مكتفياً بالقول: "إن شاء الله خيراً".
بدوره، عضو تكتل "لبنان القوي" النائب ماريو عون اعتبر في حديث مع "الأنباء" أن، "لا شيء تغيّر بعد دخول الرئاسة الفرنسية على خط المساعدة بحلحلة العقد، فالمواقف لا زالت على حالها وهناك اتصالات مكثفة تجري بعيداً عن الإعلام"، لكنه تحدث عن وجود تقارب في وجهات النظر. وقال: "نحن كتكتل وعدنا أن نكون مسهّلين إلى أبعد الحدود"، مشدداً على موقف التكتل بإسناد الحقائب السيادية الى الطوائف الأقل عدداً. ورأى عون أن لا شيء يمنع ذلك، "كي تمارس هذه الطوائف مسؤولياتها، مثلها مثل أي طائفة كبيرة"، لافتاً إلى أن، "تكتل لبنان القوي ضد تكريس الحقائب الوزارية لطوائف معينة، مستدركاً: "في حال تمّ الاتفاق على إعطاء وزارة المالية فلن نعارض، فالتكتل مع إنجاح المبادرة الفرنسية التي أعطت الأمل للبدء بالإصلاحات".
توازياً، كشفت مصادر عين التينة عبر "الأنباء" عن استمرار الاتصالات والمشاورات بما خصّ وزارة المال، مضيفةً أنه "لغاية الساعة لم نتبلغ أي شيء بهذا الخصوص، لا من الرئيس المكلّف، ولا من الجانب الفرنسي".
وقالت المصادر: "نسمع كلاماً كثيراً عن صيغ مقترحة، ولكن لا شيء واضح، فالمشاورات مستمرة وعين التينة لم تقفل باب الحوار مع أحد وهي أبلغت المعنيين بتشكيل الحكومة عن موقفها بانتظار ما تحمله الساعات المقبلة من مفاجآت على هذا الصعيد".
وفي ظل التعثر في تشكيل الحكومة واستمرار الانهيار الاقتصادي والتفشي الخطير المتزايد لفيروس كورونا، أكد الخبير المالي والاقتصادي انطوان فرح عبر "الأنباء" أن لبنان ليس على مشارف الانهيار، "بل في وسط الانهيار، وقد نصل إلى ما هو أعمق إذا لم تُشكل الحكومة وتباشر بالاصلاحات".
وقال: "إذا صرفنا الاحتياط الموجود في مصرف لبنان من دون خطة إنقاذ قد نصل إلى الكارثة، لأننا نشتري الوقت من دون إنقاذ".
وأضاف فرح: "في آذار الماضي كان يمكن الخروج من الأزمة ببعض الدعم، أما اليوم فلا إمكانية لإنقاذ القطاع المالي، خاصة وأن إسرائيل بدأت تأخذ الدور الكبير بالنسبة للخليج، لا سيّما وأن لبنان لم يعد لديه اقتصاد ولا سياحة ولا مقومات صمود، ولا حتى مرفأ، وهي اليوم تطرح نفسها كبديل عن لبنان".