حتى ساعات الفجر الاولى، استمرت الإتصالات بشأن عملية تشكيل الحكومة. سلسلة إجتماعات واتصالات عقدت بين السفير الفرنسي في بيروت وممثلين عن حزب الله. إجتماع في قصر الصنوبر، وثان في الضاحية الجنوبية لبيروت، وثالث عبر الإنترنت مع باريس. خلاصة الإجتماعات بقي حزب الله متصلباً في موقفه بالحصول على وزارة المالية للطائفة الشيعية. لم تتمكن المساعي الفرنسية من إقناع الحزب بالتنازل والتخلي عن تسمية وزير المال، مقابل الإنفتاح على تسمية الوزراء الشيعة الآخرين.
في الإتصال الأخير أبلغ حزب الله رئيس المخابرات الخارجية الفرنسية برنار إيمييه موقفاً نهائياً، وزارة المال للطائفة الشيعية. مع إبداء مرونة في كيفية الإتفاق على الإسم. دون هذا الشرط، كانت هناك عروض كثيرة حول تولي الطائفة الشيعية لوزارة الداخلية، لكن الموقف بقي على حاله. إثر هذا التصلب، قال الفرنسيون إنهم لا يمانعون بقاء وزارة المال مع الشيعة، ولكن على أن لا يتكرس ذلك تغييراً جوهرياً في تركيبة النظام اللبناني. بينما حزب الله كان يعتبر أنه يبحث عن ضمانات سياسية من خلال هذا الطرح، لا احد قادر على توفيرها له.
لم تكن باريس في وارد خسارة مبادرتها، ولو قدّمت بعض التنازلات الشكلية بالنسبة إليها، لأن مصلحتها إستراتيجية في لبنان، ولا يمكن أن تسحب يدها من الملف اللبناني، حتى وإن استمر التعارض حول تشكيل الحكومة ولم تتشكل لأن الهدف الأساسي هو الوجود في الملفات السياسية والإقتصادية والمالية والنفطية. حزب الله كان يعلم أن باريس لا تريد أن تخسر المبادرة فتصلب أكثر. حتى تمسك بموقفه بين وزارة المال إو إعلان فشل المبادرة وهو ما لا تريده فرنسا.
تحركت الإتصالات مجدداً على خطّ الفرنسيين بيت الوسط، ابلغ الرئيس سعد الحريري بعدم ممانعة فرنسا لنيل الطائفة الشيعية لوزارة المال. بدأ الحريري سلسلة إتصالات برؤساء الحكومة السابقين الذين كانوا يعتبرون أنه لا يمكن لفرنسا أن تتنازل، لانه بمجرد تنازلها يعني إفراغ المبادرة من مضمونها وإنتهائها بعد ترهلها. كان موقف الرؤساء بأنه حتى لو وافقت فرنسا على التنازل لحزب الله فهم لن يتنازلوا. رميت الكرة في ملعبهم مجدداً، أحدهم فضّل عدم إعطاء موقف، والثاني كان معارض بشدة السير وفق الرغبة الفرنسية، اما الثالث طلب مهلة للتفكير.
في هذا الوقت، كان مصطفى أديب يجري جولة إتصالات، إذا ما يستمر أم يتجه إلى الإعتذار، بعد كل ما حصل. أيضاً لم يصل إلى جواب نهائي ولا إلى قرار، بقي مترنحاً بين الإعتذار والصبر والإنتظار، طلب الفرنسيون منه التريث وعدم الإستعجال لعلّ المعضلة تجد طريقها إلى الحل، وتتشكل الحكومة سريعاً.