حال السجون في لبنان كارثي، خصوصاً في السجن المركزي في رومية حيث الإكتظاظ بلغ مستويات قياسية، وبات عدد النزلاء الذي ناهز الـ4000 شخص يفوق القدرة الإستعابية بقرابة ثلاث مرّات، التي تبلغ 1500 كحدٍ أقصى، وهم يعيشون في ظروف قاسية جدّاً دون الأخذ بإرشادات الوقاية أو النظافة العامة. وقد وقع المحظور، بعد أن سُجّلت في السجن المركزي أول إصابة بالفيروس، لتكر السبحة، وتسجّل عشرات الإصابات.
مصادر أمنية أشارت في إتصال مع "الأنباء" إلى أن "إدارة سجن رومية تقوم بالإجراءات من أجل ضمان صحّة المساجين وتفادي الإنتشار الأوسع، إذ تجري فحوصات لكل الذين يعانون من عوارض، كما تقوم بعزل المصابين في مبنى خاص جهّزه الصليب الأحمر الدولي، حيث يتلقون علاجهم بإشراف ممرضين من قبل منظمة الصحة العالمية"، نافيةً "وجود أي نقص في الدواء، إذ أن منظمة الصحة تؤمّن الحاجيات دون إنقطاع".
وعن حال المرضى، قالت المصادر إن "معظمهم بحال جيّدة، وعوارضهم إما خفيفة او معدومة، بإستثناء ثلاثة منهم إستدعى وضعهم نقلهم إلى المستشفى".
المصادر لفتت إلى أن "إدارة السجن تخوض سباقا مع الوقت، وتحاول بخطوات إستباقية حماية المساجين والتخفيف من حدّة الإنتشار عبر الإجراءات التي تتخذها"، إلّا أنها تمنّت على "القضاء التسريع في المحاكمات من أجل تخفيف الإكتظاظ".
على خط آخر، نشط عمل المنظمات الإنسانية منذ تسجيل الحالة الأولى في سجون لبنان، ومن بينها جمعية "نضال لأجل الإنسان" التي دأبت على تزويد السجون، خصوصا المركزي في رومية، بأحدث أدوات التعقيم ومختلف مستلزمات الوقاية، بدعم من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، كما رفعت الصوت توازيا من أجل التسريع في محاكمة الموقوفين، وإخلاء سبيل من أنهى محكوميته من أجل تخفيف الإكتظاظ الحاصل.
وحمّلت رئيسة الجمعية ريما صليبا في حديث لـ"الأنباء" "وزارة الصحة مسؤولية كبيرة لما يحدث في سجن رومية، خصوصا أن الأخيرة غائبة عن الإجراءات الفورية والضرورية، وهي مطالبة اليوم بالتحرك بشكل سريع، والقيام بالفحوص المخبرية لكافة المساجين والعناصر، من أجل تحديد الواقع الوبائي، في ظل إستحالة التباعد تبعا الظروف المبكية التي يعيشها المساجين".
كما حثّت صليبا "الوزارة المذكورة والمعنيين للمباشرة في تجهيز مستشفى ضهر الباشق الحكومي، إذ ينقص لعدد كبير من التجهيزات الضرورية لإستقبال المساجين المصابين، والبدء بأخذ الإجراءات اللازمة في السجن، وهي إجراءات كان يجب تنفيذها قبل وقوع الكارثة".
أما في ما خص تسريع المحاكمات وإخلاءات السبيل، فذكرت صليبا "غياب وزارة العدل أيضا في هذا الإطار، وعدم تجاوبها مع الجمعية من أجل عقد لقاء لمناقشة الأزمة، وهي بدروها مطلوب منها التحرّك فورا لتخفيف الإكتظاظ، عبر إخلاء سبيل الموقوفين الذين قضوا فترات طويلة في التوقيف فاقت السنتين، وإجراء محاكماتهم عن بُعد، كما وإخلاء سبيل المحاكمين الذين بقي من فترة عقوبتهم سنة أو أقل".
أما في ما خص العمل الذي قامت به الجمعية، فأعلنت صليبا عن "تقديم كافة مستلزمات الوقاية، من كمامات ومواد تعقيم مع أدوات الرش، كما ومعدّات رش ضخمة بدعم من جنبلاط من أجل تعقيم محيط السجن من الخارج، وتأمين كلفة إصلاح وإعادة تشغيل جهاز التعقيم الإلكتروني عند باب السجن، والجمعية اليوم تتابع توزيع هذه المستلزمات الضرورية دوريا بالتعاون مع جمعيات أخرى"، وتوازيا، "تعمل الجمعية اليوم على تأمين مبالغ مالية من أجل دفع غرامات أولئك الذين إنتهت فترات حكمهم".
وفي ختام حديثها، وجّهت صليبا دعوة للمشاركة في وقفة تنظمها الجمعية يوم الجمعة القادم عند الساعة الواحدة، من أمام سجن رومية المركزي، لرفع الصوت بصورة طارئة للتحرك وإنقاذ الوضع.
وفي السياق عينه، كشف رئيس "الهيئة الوطنية لحقوق الانسان المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب" فادي جرجس عن عمليات تكتم تحصل في ما خص أعداد المصابين، إلّا أنه قدّر أن تكون بالعشرات، مذكّرا بوجود أكثر من 1200 نقطة توقيف في لبنان، ومن الصعب إحصاء عدد الإصابات بالكامل لجهة الهيئة.
وأعلن جرجس في حديث مع "الأنباء" عن "جهود جبارة تقوم بها الهيئة، تهدف إلى تخفيف الإكتظاظ، إذ أنه الحل الوحيد اليوم لكبح الإنتشار، إما عبر تأمين مبالغ مالية لدفع غرامات بعض السجناء، أو لعب دور الوساطة بين مختلف الأطراف المعنية، خصوصا السياسية، من أجل التوجّه نحو العفو، كما تتواصل الهيئة مع وزارة العدل من أجل التسريع بالمحاكم، أما في حال عدم تجاوب السلطة السياسية والقضاء للسير بهذه الحلول، فإن الإبادة الجماعية تنتظر هؤلاء المساجين".
وختم جرجس حديثه منبّها من "الإهمال الذي يطال السجون، والحالة المزرية التي يعانيها النزلاء، ما يحتّم التحرك بسرعة وإيجاد الحلول الفورية والآنية لحل الأزمة".
وهذا الواقع الذي يعيشه السجناء في لبنان يجعل من الضروري العودة الى قانون العفو، الذي ذكّر به مجدداً رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط لإقراره بعيداً عن أي إعتبارات سياسية أو طائفية، من أجل منحهم حقّهم في الحياة مرّة أخرى.