Advertise here

مشاورات لا تُبدّل مبادئ التأليف: حكومة اختصاص ومداورة كاملة

15 أيلول 2020 08:50:39

في الشكل، حُدّدت مهلة إضافية للمزيد من المشاورات. في المضمون، لن تتبدّل المبادئ التي يعتمدها الرئيس المكلّف مصطفى أديب في عملية تشكيل الحكومة. حين يرنّ منبّه الساعة معلناً انقضاء فترة التشاور، سيعود الرئيس المكلّف حاملاً معه مسوّدة مبنيّة على مرتكزات أساسية اعتمدها في التأليف. تفيد المعلومات التي استقتها "النهار" بأنّ الأرضيّة الرئيسيّة التي بنيت على أساسها مسوّدة الحكومة العتيدة لا يمكن أن تتبدّل أو تطرأ عليها أيّ تعديلات في الجوهر، لناحية التأكيد على تشكيل حكومة مصغّرة خالية من الوجوه السياسيّة أو الحزبيّة، ومشكّلة وفق الأصول التي نصّ عليها اتفاق الطائف، بدءاً من العودة إلى مبدأ التكليف قبل التأليف الذي اعتُمد، وصولاً إلى موضوع التداول الوزاريّ (المداورة) الذي سيُطبّق في التشكيلة الحكومية انطلاقاً من عنوان واضح: لا حقيبة مسجّلة باسم أحد.

وتشير المعطيات التي تؤكّدها مصادر سياسية مواكبة أنّ الأجواء تنحو باتجاه تهدئة خلال اليومين المقبلين، في ظلّ انتفاء الرغبة بالدخول في سجالات تسهيلاً لعملية ولادة الحكومة وتبريداً للأجواء السياسية، من دون أن يعني ذلك نفض التشكيلة أو نقض مبدأ المداورة الكاملة الذي لا يمكن التراجع عنه طالما أن الدستور واضح ولا لبس فيه. وتلفت المصادر إلى أنّ من ترك أمراً من أمور الشرع أحوجه الله إليه، فلا عودة عن الدستور أو عن الثوابت في عملية التأليف، وهذه مسألة محسومة لا يمكن تجاوزها. وإذا كان ثمّة من يروّج لمقولةً تدخّل رؤساء الحكومة السابقين في عمليّة اختيار أسماء الوزراء، فإنّ المصادر تذهب إلى حدّ الجزم بأنّ ما يُتناقل مجرّد أقاويل عارية من الصحة.

في غضون ذلك، علمت "النهار" أنّ اللقاء الذي جمع الرئيس المكلّف برئيس الجمهورية ميشال عون في بعبدا خلص إلى نتيجة واحدة مفادها الذهاب باتجاه المزيد من المشاورات من دون عرض أسماء أو مسوّدة حكوميّة، باعتبار أنّ أديب لم يقدّم أسماء تشكيلته الوزاريّة إلى عون حتى الآن. وقد لُمِس في اللقاء رغبة لدى رئيس الجمهورية في فرملة الاندفاعة الحكومية قليلاً بعد التطوّرات التي فرضت نفسها خلال اليومين المنصرمين لناحية وزارة المال، والذي بدوره اتجه إلى تحريك مروحة اللقاءات بغية تدوير الزوايا. وتفيد المعلومات أنّه يفترض حسم الموضوع على وجه السرعة في مهلة 48 ساعة قبل الزيارة المقبلة للرئيس المكلف إلى بعبدا والتي يرجّح أن تحصل في موعد قريب يوم الخميس أو الجمعة المقبل.

هكذا يُرسم مشهد السباق مع عقارب الساعة في ظلّ انتفاء القدرة على السباحة مع الوقت خارج إطار محدّد زمانيّاً ووفق القواعد الواضحة بالنسبة إلى مسوّدة الرئيس المكلّف. بعد ذلك، سيرنّ الجرس ويتغيّر المشهد باعتبار أن لبنان لا يملك ترف الوقت ولا بدّ أن يباشر في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة منه اليوم قبل الغد. إنّنا لا نتحدّث عن حوض سباحة حكوميّ ترفيهيّ... بل عن عمليّة إنقاذ من الغرق.

إلى ذلك، لوحظ تكوّن رأي عام سياسي رافض لعملية تكريس حقيبة وزارية معيّنة لفريق واحد. ولفت التقاطع لناحية عدم القبول بفرض عُرف حول وزارة المال بعد الالتقاء في مضمون مواقف الشخصيات السنية والمسيحية التي رفضت المثالثة قطعيّاً. ونشطت محرّكات الصالونات السياسية التي عادت إلى أرشيف حكومات ما بعد اتفاق الطائف للبحث بين سطور الشخصيات التي شغلت حقيبة وزارة المال. وتبيّن أنّ هذه الوزارة ذهبت إلى أسماء شيعية 7 مرّات فقط من أصل 19 حكومة تألفت في مرحلة ما بعد الطائف. عيّن علي خليل وزيراً للمال في حكومة الرئيس سليم الحصّ في الفترة الممتدة بين تشرين الثاني 1989 وكانون الأوّل 1990، ليعود ويتولّى الوزارة نفسها في حكومة الرئيس عمر كرامي لغاية أيار 1992. وشغل أسعد دياب منصب وزير المال في حكومة الرئيس رشيد الصلح لغاية تشرين الأوّل 1992.


وتولّى الرئيس الشهيد رفيق الحريري وزارة المال في 3 حكومات متوالية حتى كانون الأوّل 1998. واختير جورج قرم وزيراً للمال في حكومة الحصّ حتى تشرين الأول 2000. وتولّى الرئيس فؤاد السنيورة الوزارة في حكومة الشهيد الحريري حتى تشرين الأول 2004. ثمّ عيّن الياس سابا وزيراً للمال في حكومة كرامي لغاية نيسان 2005، وخلفه دميانوس قطار في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي حتى تموز 2005، فجهاد أزعور في حكومة الرئيس السنيورة حتى تموز 2008، والشهيد محمد شطح في حكومة السنيورة الثانية حتى تشرين الثاني 2009. وشغلت ريا الحسن منصب وزيرة المال في حكومة الرئيس سعد الحريري الأولى حتى حزيران 2011. وتولّى محمد الصفدي الوزارة في حكومة ميقاتي الثانية حتى شباط 2014. واختير علي حسن خليل وزيراً للمال في 3 حكومات متوالية بين شباط 2014 وتشرين الأول 2019، ثمّ خلفه غازي وزني الذي لا يزال يتولّى تصريف الأعمال في الحكومة المستقيلة.

تُسقط هذه الوقائع مقولة أن وزارة المال مخصّصة لطائفة معيّنة في مقاربة المعارضين لهذه النظرية، خصوصاً أن الدستور واضح من هذه الناحية أوّلاَ... وفي وقت يركّز المعارضون على أنّ أرشيف الحكومات هو أبلغ مثالٍ على عدم صحّة الترويج لشعار "الميثاقية" باعتبار أن الذين يعتبرون هذه الحقيبة من حصتهم لم يتحدثوا بما يسمّى "الميثاقية" ولم يطالبوا بالوزارة حتّى في عزّ قوّتهم بعد عام 2008، حيث ذهبت حقيبة المال إلى شخصيات متنوّعة.