Advertise here

اتصال ماكرون ببرّي لم يحدث خرقا في جدار التأليف

13 أيلول 2020 07:54:02

إذا كانت عودة تحرك الشارع الاحتجاجي طغت أمس على المشهد الداخلي خصوصاً مع استنفار الشارع ال#عوني في مواجهته، فإنّ هذا التطوّر زاد حبس الأنفاس في ترقّب ما سيؤول إليه مخاض تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة مصطفى أديب وهو المخاض الذي دخل في الساعات الأخيرة مرحلة شديدة الالتباس والدقة. إذ إنّ عدم حضور الرئيس المكلّف أمس إلى قصر بعبدا كما كانت سادت التوقعات، بدا بمثابة صدمة للمراهنين على ولادة الحكومة في مطلع الأسبوع المقبل بحيث تكون مهلة الأسبوعين المتفق عليها بين المسؤولين والأفرقاء اللبنانيين والجانب الفرنسي قد انتهت، بما يملي ولادة الحكومة وعدم اختلال التعهدات بالمهلة.

ولكن التقارير والمعطيات المحلية المتلاحقة أمس بدت ميّالة إلى مناخ سلبي، إن لم يكن تشاؤمي أيضاً، وسط توقعات جديدة عن بقاء تشكيلة الرئيس المكلّف سواء كانت منجزة أم يلزمها بعد بعض اللمسات الأخيرة عالقة من دون اتضاح ما يمكن أن يحصل في اليومين المقبلين. ومع أنّه يصعب التسليم تماماً بالمعطيات الداخلية وحدها لأنّها تخضع لتوجيهات ومآرب الجهات الداخلية، في حين أنّ اللاعب الأساسي اليوم في تقرير وجهة الحدث الحكومي يتمثّل بفرنسا، فإنّ ما بدا لافتاً في هذا الصدد أنّ موضوع حقيبة المال تحوّل فعلاً باب الحلّ والربط والتعقيد والحلّ في مسار تأليف الحكومة.

وبعد الموقف الواضح الذي لا لبس عليه، الذي أعلنه رئيس مجلس النواب نبيه برّي لـ"النهار" أمس، من تمسكه بحقيبة المال للشيعة من منطلق ميثاقي، كما تأكيده على تسمية وزير المال ولو من طريق طرح عدد واسع من المرشحين على الرئيس المكلّف، بدا ثابتاً أنّ ثمّة مأزقاً جدياً للغاية يتحكّم باستحقاق الحسم الإيجابي السريع لتشكيل الحكومة أقلّه ضمن مهلة الأسبوعين. وإذ تحدث بعض الأوساط السياسية عن سعي إلى إقناع الجانب الفرنسي بتمديد قصير للمهلة لحلّ عقدة المال، بدا واضحاً أنّ الرئيس المكلّف يصعب عليه تماماً التسليم بهذا المنطق لأنّه سيعرّض صدقية التزامه تشكيل حكومة اختصاصيين ومستقلين والمداورة في الوزارات والحقائب للتداعي وهو ما لا يمكنه القبول به. وإذ تنفي الأوساط نفسها أن تكون هناك معطيات جدية عن احتمال اتجاه أديب إلى الاعتكاف أو سواها من ردود الفعل، قالت إنّ الوقت لا يزال مبكراً للحكم على حقيقة ما ستحمله تركيبة أديب من توزيع للحقائب ومن أسماء يتردد انها قد تنطوي على مفاجآت جراء نوعية الوزراء. وتشير الأوساط إلى أنّ أقل من الـ48 ساعة المقبلة ستكون كفيلة بفرز الحقائق المتعلقة بسيناريوات تشكيل الحكومة وما إذا كانت البلاد ستكون امام انفراج وتشكيلة حكومية نوعية قد تحمل تطورات غير مألوفة أبداً في تشكيل الحكومات السابقة، وأمّا أمام مأزق خطير يغامر عبره معطّلو الولادة الحكومة في تعريض أنفسهم والبلاد لإجراءات لم تعد تخفى على أحد، علماً أنّ #فرنسا نفسها لا تخفي طبيعة ما سيتعرض له المعرقلون من عقوبات، بالإضافة إلى تداعيات أخرى بالغة الخطورة على البلاد عموماً.

ومع أنّ معلومات لم تستبعد مساء أمس أن يزور أديب اليوم قصر بعبدا وعرض تشكيلته عليه، فإنّ المعطيات لم تحمل ما يضمن اختراقاً وشيكاً. وعقد لقاء عقد بعيداً من الأضواء بين رئيس مجلس النواب نبيه برّي والرئيس سعد #الحريري في عين التينة، ولكن أيّ خرق لم يحصل في جدار العقدة الشيعية، وأنّ أديب ولو زار بعبدا اليوم يستبعد أن يقدم تركيبته قبل الثلثاء المقبل ريثما تتضح الأمور.

وليلاً، طرأ تطوّر بارز تمثل بتلقي الرئيس بري اتصالاً من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. ومع أنّ أوساط عين التينة قالت إنّ مضمون ما دار في الاتصال بقي ملكهما ولم تحسم ما اذا كانت الحصيلة إيجابية أو سلبية، فإنّ معلومات تتسم بدقة أفادت أنّ الاتصال لم يفضِ إلى نتائج إيجابية. إذ علم أنّ ماكرون حاول إقناع برّي بالتخلي عن تمسكه بحقيبة المال ولكن برّي لم يوافق، وشدّد على اعتبار الحقيبة مسالة ميثاقية تعود للطائفة الشيعية.

في غضون ذلك، بدا الشارع كأنّه استعاد بعض زخمه أمس ولكن مع فارق أنّ المشهد على طريق القصر الجمهوري عكس رمزية كبيرة لجهة احتماء العهد بشارع أنصاره من "التيار الوطني الحر" في مواجهة الشارع المنتفض والمطالب بإسقاط العهد. وقد اتخذ المشهد بعداً ثقيلاً لجهة اضطرار الجيش الزج بوحداته للفصل بين التظاهرتين على طريق قصر بعبدا، كما أنّ مواجهات حصلت بين الجيش والمتظاهرين ضد رئيس الجمهورية وأطلق الجيش النار في الهواء بعدما تعرّض للرمي بالحجارة والعصي. ورفع المتظاهرون ضدّ العهد صوراً وشعارات مناهضة لحالة الإنكار التي رافقت انفجار المرفأ في اليوم الأربعين على مروره، كما قاموا بتعليق مشانق قرب مستديرة الصياد.