Advertise here

بعد كل التضحيات عقب انفجار وحريق المرفأ... ألم يحن الوقت لتثبيت متطوعي الدفاع المدني؟

12 أيلول 2020 14:00:00

خذلوا توقّعاتنا، أبطال الدفاع المدني. خذلوا التوقّعات لحظة توجّهوا إلى المرفأ البارحة، وما من هاجس في صميمهم إلّا إخماد الحريق الذي نشب في أحد العنابر، وأخذ يمتدُّ في أرجاء منطقة السوق الحرّة.

فبعد الانفجار المهول الذي دمّر العاصمة، ومشاهد الموت والرعب التي اختبرها رجال الإطفاء يومها، مَن منّا لم يعتقد، ولو للحظة، أن أحداً لن يتجرّأ على العودة إلى ذلك المكان، وإطفاء لهب الفساد بدمه، فخذلوا التوقّعات وانتصروا لوطنهم.

إذ ما إن هبّت النيران في المحيط، وانتشر الخوف من تكرار السيناريو المشؤوم، حتّى هبّ عناصر الدفاع المدني وزملائهم في الجيش أفواج الإطفاء، وانتشروا بإمكاناتهم المحدودة، للسيطرة على الحريق وضمان عدم تمدّده أكثر.

لم يتوانَ عناصر الدفاع المدني للحظةٍ عن واجبهم الوطني، حتّى بتنا نخجل من النظر في وجوههم الشاحبة، وأجسادهم المرهقة، فكلمة "يعطيكم العافية" ليست سوى جبرٌ للخواطر في زمنٍ صعب لا يحتمله مقتدر.

أليس اليوم، وهم من برهنوا جدارتهم عند كل استحقاق، وكانوا أول من تحمّل المسؤولية في ظل تقاعس الآخرين، هو الموعد المناسب لمنحهم حقوقهم، وتثبيتهم في ملاك الدولة، وبالتالي إنصافهم بدلَ تلك التوظيفات العشوائية الانتخابية غير المجدية؟
 
إن ما لا يصدّقه عقلٌ أو منطق اليوم هو واقع. فهؤلاء الأبطال ليسوا اليوم سوى متطوّعين يعملون في المديرية العامة للدفاع المدني بلا رواتب، ولا ضمان، ولا حقوق، فيواجهون الموت عراة. 

في اتّصالٍ مع جريدة "الأنباء" الإلكترونية، توضح نائب المدير العام لمديرية الدفاع المدني، ريما المر، تفاصيل ملف تثبيتهم، وتستند في حديثها إلى، "قانون صادر عن المجلس النيابي في العام 2014 يضمن دخول عناصر الجهاز إلى ملاك الدولة؛ كما ومراسيم تطبيقية صدرت عن وزارة الداخلية والبلديات قبل ثلاثة أعوام، ونصّت على إجراء المباريات بالتعاون مع قوى الأمن الداخلي. إلّا أن العائق الوحيد اليوم، والذي يؤخّر هذه العملية، هو أزمة الاعتمادات العالقة في وزارة المالية".

وفي هذا الخصوص، تشير المر إلى أن، "مجلس النواب استثنى في قانون منع التوظيف في الملاك العام، مديرية الدفاع المدني، كما وإن عدد العناصر المقرّر تثبيتهم هو 2,500 من أصل 5,000 آلاف متطوّع. أما الاعتمادات المطلوبة فهي تقارب الـ 80 مليار ليرة. إلّا أنه، ومع اعتماد خطّة التقشّف في صياغة الموازنة الأخيرة، لجأت الحكومة إلى تخفيض اعتمادات المديرية الأساسية، بدل زيادتها، وبالتالي رُحّل الموضوع. وهم اليوم رهن تأمين الاعتمادات"، مذكّرةً بالجهود الحثيثة التي يقوم بها المدير العام، العميد ريمون خطّار، وطرحِه الموضوع في الأوساط النيابية واجتماعات مجلس الدفاع الأعلى، على الدوام.

إلّا أن المر، ورغم الأزمة الاقتصادية الصعبة التي تمرّ بها البلاد، رأت أن، "الوقت الحالي للسير بتأمين الاعتمادات هو الأنسب، بحيث أن قيمة الليرة تراجعت كثيراً، والمبلغ المطلوب ما هو شيء اليوم بحال قرّرنا تحويله إلى الدولار".

كما تطرّقت المر إلى أهمية تثبيت هؤلاء المتطوّعين على الصعيدين، المديرية من جهة، والعناصر من جهة، وقالت: "إن القطاع اليوم بحاجةٍ ماسةٍ إلى زيادة عديده، بعد تراجع الأعداد في الفترة الأخيرة، بسبب تقاعد عددٍ كبير منهم، وحجم المسؤوليات الملقاة على كاهل القطاع، والتي لا يمكن مواجهتها دون قيام جهازٍ نظامي عماده التسلسلية والنظام".

"أما على صعيد المتطوّعين، فهم يقاتلون باللحم الحيّ، ويبذلون جهوداً كبيرة للقيام بواجباتهم، ومن حقّهم اليوم الالتفات إليهم، وإعطائهم حقوقهم بدل أتعابهم"، حسب المر.

وتختم المر حديثها متمنّية، "على الدولة إعطاء العناصر الحقوق التي أقرّتها لهم بنفسها، والالتفات نحو هذا الجهاز الذي يفتقد للتجهيزات الأساسية"، وتدعو "جميع من هم في مواقع المسؤولية إدراك أهمية عمل هؤلاء العناصر، والتضحيات التي يقدمونها خدمة لوطنهم".

مسار الإصلاحات لا يستثني تصحيح الخلل الحاصل والعشوائية المتّبعة في إدارات الدولة، ومن الضروري اليوم، مع تشكيل حكومةٍ جديدة، المباشرة بتنظيم هذه الإدارات، وترشيد الإنفاق فيها وحصره بالمجدي، بدل صرف الأموال لقاء رواتب موظّفين لا يحضرون، ولا يمارسون عملهم، وفي المقابل إهمال من ضحّى، طيلة عقود من الزمن، دون إنصافه بحقّه المكتسب بعرق جبينه.