Advertise here

"ما في جيوب بالكفن"

09 أيلول 2020 17:13:00 - آخر تحديث: 09 أيلول 2020 17:14:05

لم يخطئ المعلّم الشهيد كمال جنبلاط، حين قال في كتابه "من أجل لبنان": "المال يصبح ميكروباً مفسداً إذا لم يساهم في مساعدة الآخرين". 

وهو ما ظهر جليا بعد انفجار 4 آب. وحده وليد جنبلاط كان الى جانب الناس، الذين انبروا الى التكافل لإنقاذ ما تبقّى من لبنان، فيما كانت بعض المقامات تحاول بيع حقّنا عبر مزادٍ علني. 

لقد كان اللبناني، الملقب بالطائفي على مرّ السنوات، يساعد من جيبه العائلات المتضرّرة. فتارةً نرى مهندسين يقدّمون خبرتهم للأبنية المتصدّعة، وطوراً نرى مجموعةً من الأطباء يهبون الأدوية لكبار السن. كذلك، لم يبخل أي لبناني في التبرّع بالدم، ونقل الجرحى إلى المستشفيات، أو في تقديم مساعدات مادية وعينية، أو في تنظيف الشوارع، لتعيد وتنير بقايا الأمل. وهؤلاء يستحقون التقدير، وكلمة شكراً لحظة المكاشفة الحقيقية حين يحيق بهم الموت. وفيما تتجلى أبرز مواقف الإنسانية في شعبنا اللبناني العظيم، كان تقاعس دور الدولة هو الحاضر فغابت عن توفير الحد الأدنى من الدعم على كافة الأصعدة فهل ظنّ حكّامها أنهم سيدفنون أموالهم في الكفن؟
 
 ومن هول الحدث نعود ونسأل: "هل استفاق الجهاز القضائي من غيبوبة المحسوبية ليُقدِم على محاسبة حقيقية لكل من كانت له علاقة في تفجير عنبر رقم 12، أم سيبقى الجهاز مغيّباً مضحياً بكل أملٍ باستيفاء حق كل ملحودٍ تحت الردم؟"

وهنا لا بد أن نعود بالذاكرة إلى ما فنّده المعلّم كمال جنبلاط في أسطر الحق حين قال: "إنّ دماء ودموع الفقر والآلام يجب أن يتحمّل نتائجها رجال الدولة الذين ساد الارتجال والإبهام عملهم، وبرعوا في تمثيل المأساة الدامية".

 لقد حان الوقت للأخذ بعين الاعتبار الـ36% من المغادرين من لبنان بعد انفجار 4 آب، وذلك بحسب مطار بيروت الدولي. 

وأسفاه من بلدٍ غدا فيه طموح وأحلام كل مواطن مطموراً في حفرةٍ من بضعة أمتار، يكفّن معها نقاء المواطن الذي ينتقل إلى رحمته تعالى، خالٍ من كل الشرور، والطائفية، والفساد، ليخلد في برّ الأمان الوحيد في هكذا بلد. استعبِروا أيها الطغاة... لن تجدوا جيوباً في الكفن!
 
معذرةً منك يا وطني، فشرارة الموت قد أنهكت أرواحنا، ونحن على قيد الحياة.

 
هذه الصفحة مخصّصة لنشر الآراء والمقالات الواردة إلى جريدة "الأنبـاء".