Advertise here

اجتماع قادة الفصائل الفلسطينية خطوة مهمة نحو المصالحة

07 أيلول 2020 19:10:36

قرّرت الفصائل الفلسطينية التي اجتمعت عبر تطبيق الفيديو بين رام الله وبيروت، برئاسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، "تشكيل لجنةٍ من شخصيات وطنية وازنة، تحظى بثقة الجميع، وتقدّم رؤية استراتيجية لتحقيق إنهاء الانقسام، والمصالحة، والشراكة، في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، خلال مدة لا تتجاوز خمسة أسابيع، وذلك لتقديم توصياتها للمجلس المركزي الفلسطيني.

كما تم التوافق على تشكيل لجنةٍ وطنيةٍ موحّدة لقيادة المقاومة الشعبية الشاملة، على أن توفّر اللجنة التنفيذية لها جميع الاحتياجات اللازمة لاستمرارها".

اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية الإحدى عشر المتواجدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة والشتات، والذي شارك فيه من مقر الرئاسة في رام الله، إضافة إلى أبو مازن، قيادتا فتح، ومنظمة التحرير، والفصائل الموالية لهما، فيما شارك من مقر السفارة الفلسطينية في بيروت الأمناء العامون للفصائل غير الأعضاء في منظمة التحرير الفلسطينية، مثل حركتَي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" وعدد آخر من الأمناء العامين الموالين لجبهة الممانعة، والمتواجدين في غالبيتهم في سوريا.
الاجتماع الذي حمل في توقيته وبيانه الكثير من الرسائل، لا سيّما الحفاظ على أسس قيام دولة فلسطينية على حدود عام 1967، عاصمتها القدس الشرقية، والتمسّك بالمبادرة العربية للسلام، ورفضه التطبيع المجاني، فإنّه شكّل خطوةً مهمة في السير نحو المصالحة الوطنية، وتعزيز وحدة الموقف في مواجهة صفقة القرن، ومشاريع الضمّ والتهويد والترانسفير التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي، وفي رفضه لعمليات التطبيع المنفردة بين بعض الدول العربية وحكومة نتنياهو.

وعلى الرغم من تأكيد المجتمعين على الالتزام بالثوابت الوطنية، إلّا أن أحداً من المجتمعين لم يقدّم مراجعة نقدية لمجريات الأحداث التي عصفت بالقضية الفلسطينية، وفي المنطقة، منذ اتفاق أوسلو. كما لم يقدّم أي من المتحدثين قراءةً موضوعية لأسباب الخلافات والانقسامات التي أنهكت الجسم الفلسطيني وأوصلته غالى هذا المنحدر. فالاجتماع طغت عليه في الشكل عناوين تصالحية، ونغمة ودّية برزت في كلمات المتحدّثين، بدءاً من الرئيس أبو مازن الذي افتتح الاجتماع بكلمةٍ
 واضحة شاملة، أكّد فيها على التمسّك بالحد الأدنى المتفق عليه وطنياً، "الدولة في الضفة وغزة وعاصمتها القدس، وحق العودة للّاجئين، ورفض صفقة القرن، وسياسة الضم والتطبيع"، وأكّد كذلك على المصالحة مع حركتَي حماس والجهاد الإسلامي، ودعوتهما للانضواء في منظمة التحرير. كما بدّد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنيّة، في كلمته الشكوك لناحية الاعتراف بالمنظمة ممثلاً شرعياً للشعب الفلسطيني، وتأكيده رفض الحركة إقامة دولة في غزة، "بالرغم من الإغراءات التي عُرضت علينا"، وعلى نفس المنوال كانت كلمات قادة الفصائل.

لكن الكلمات تضمنت أيضاً مصطلحات تجسّد لغة الانقسام في الرؤية المستقبلية. فالرئيس أبو مازن، على سبيل المثال، طالب بوجود قيادة موحّدة لمقاومةٍ شعبيةٍ سلمية، بينما أكد إسماعيل هنية على كل أشكال المقاومة وعلى رأسها المسلّحة، كما تحدّث عن مراكمة القدرات العسكرية لحركة حماس، ونفس الأمر ورد في كلمة الأمين العام للجهاد الإسلامي، زياد النحالة.

في كلمته، أعاد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنيّة، التأكيد بأن حركة حماس لا تعترف بإسرائيل، وطالب بالخروج من اتفاقية أوسلو ونهجها، بينما منظمة التحرير ما زالت تعترف بإسرائيل، ولم تعلن موقفاً رسمياً بالخروج من أوسلو والتزاماتها، فيما يقول أبو مازن أن أوسلو انتهى، لأن إسرائيل لم تطبّقه أساساً، وأن المنظمة أعلنت خلال اجتماعات اللجنة التنفيذية، والمجلس الثوري لحركة فتح وقف العمل بالاتفاقيات والتفاهمات المعقودة مع إسرائيل بما فيها هو أوسلو. ومؤخراً جرى وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال، لكن الفصائل تعتبر أن هذه الصيغة مبهمة، وبالتالي هناك حاجة للتوافقات على صيغةٍ تأخذ بعين الاعتبار القرارات الأخيرة للمنظمة والسلطة، وما جاء أيضاً في الميثاق الجديد لحركة حماس عام 2017، "وثيقة المبادئ والسياسات العامة"، التي حلت محل الميثاق الأساسي للحركة.

مما لا شك فيه أن الفرصة متاحة اليوم للتأكيد على "استقلالية القرار الفلسطيني"، و"وحدة الموقف الفلسطيني"، فهذا الاجتماع ينعقد لأول مرة دون وساطة أو رعاية خارجية منذ الانقسام الفلسطيني، وهذا يعزّز فرص الحوار والتلاقي، وتجديد، وتشبيب النخب القيادية للفصائل الفلسطينية، حيث يؤخذ على الاجتماع غياب الحديث عن الانتخابات الداخلية والمركزية، وهي مطلب أساس لتجديد الحياة السياسية وتفعيل المشاركة الشعبية.

مثل هذه الانتخابات ستؤمن انتقال الأمانة إلى جيلٍ جديدٍ قادر على التعاطي مع مستجدات القرن. فالشعب الفلسطيني الذي يمتلك هويّة وطنية راسخة، اختبر أشكال المواجهة مع الاحتلال الفلسطيني، ويعرف ماذا تعني التراجعات التي تعرّضت لها القضيّة الفلسطينية في ظلّ أوضاع إقليمية في غاية التعقيد.