Advertise here

متى المحكمة اللبنانية للزواج المدني الاختياري؟

21 شباط 2019 06:00:00 - آخر تحديث: 21 شباط 2019 19:43:38

ليست قليلة تلك الآلاف والأجيال من اللبنانيات واللبنانيين الذين قصدوا، ويقصدون، محاكم الغرب، بدءاً من قبرص، لإجراء عقود زواجهم المدني، ثم العودة إلى لبنان لتوطين عقودهم في المحاكم الشرعية والمذهبية، مع الاحتفاء بهم حسب طقوسهم وشرائعهم.

إنها قضية قديمة تغيب ثم تعود لتثير اهتماماً ونقاشاً، ولا نتيجة حتى اليوم.

وقبل أيام ألقت وزيرة الداخلية والبلديات السيدة ريّا الحسن حجراً كبيراً في بركة هذا الموضوع المدني الاجتماعي الذي لا يمر عليه الزمن طالما اللبنانيون يعشقون، ويتزوجون، ويعمرون، ويهاجرون، ويعودون، أو لا يعودون.

السيدة الوزيرة الحسن الجديدة على الحكم مع ثلاث سيّدات كريمات يشكلن قيمة عصرية مدنية في الحياة السياسية والسلطة اللبنانية، والقضية المطروحة هي قضيتهن بالدرجة الأولى، ولا ننسى أن الزواج المدني (الاختياري) يشكل كتلة كبيرة من مختلف العائلات اللبنانية التي نشأت، وتنشأ، وتستمر في النشوء، والتكاثر، وقد نسيت ذلك العقد الذي كُتب بأكثر من لغة، وفي أكثر من مدينة في عالم الغرب، وفي مدن جمهوريات الاتحاد السوفياتي (سابقاً) وملحقاته في دول أوروبا الشرقية، ولا ننسى الأجيال اللبنانية التي توالدت في زمن الهجرة اللبنانية الاولى الى الأميركتين الشمالية والجنوبية.

من حق المراجع الروحية، بل ربما من واجبها، أن تعلن رأيها المعارض لعقد تلك الزيجات، لكن هموم اللبنانيين، في هذا الزمن اللبناني، وما قبله، وما بعده، ليست في عقد زواج في محكمة مدنية في الخارج، أو محكمة روحية في الداخل، الهم اللبناني الأكبر الذي تعيشه الأجيال الطالعة هو تقسيم اللبنانيين، طوائف، ومذاهب، على قاعدة العدد، والحصص، والنسب، والإمتيازات، والمناصب، والوظائف، وفرص العمل، والنجاح، والتقدم في مدارج العصر وتحدياته.

منذ ما قبل الاستقلال، بل في زمن الانتداب الفرنسي، كان اللبناني المميز بعلمه، وبكفايته، ومؤهلاته، يُرقّى الى مراتب عليا، متقدماً على أقرانه من طوائف أخرى ذات "إمتيازات".

وفي عهد الاستقلال أعلن المحامون اللبنانيون إضراباً عاماً عن المرافعة امام المحاكم في العاصمة وسائر مدن المحافظات احتجاجاً على عدم إقرار تشريع الزواج المدني الإختياري، وقد استمر الإضراب نحو تسعة أشهر، ولم ينجح المحامون، فقد غلبتهم مرجعيات الطوائف والمذاهب.

ومنذ ذلك الزمن تنشأ وتنتشر الاحزاب اليسارية، واليمينية، العلمانية، والمدنية، والمجمعات الثقافية، وتنزل مئات آلاف المجتمع المدني، من جميع الطوائف والمذاهب، والمهن، والأحزاب إلى شوارع العاصمة ومدن المناطق، ثم تغيب، وتهمد، مع غياب المشاهد عن شاشات التلفزيونات وعن صفحات الجرائد.

وتبقى قبرص نجمة الطامحين إلى عقد زواج مدني يعودون به إلى دوائر النفوس...

فمتى الاحتفاء بالمحكمة التي تضع لبنان في قائمة الدول المدنية؟