بين "الزناد والمداد" نضال تقدمي طويل يخط سيرة المربي الراحل سلطان سليم أبو الحسن، بيراع يختصر معنى التربية الوطنية التقدمية، وشعلة تقصّ على الأجيال الطالعة حكاية بطل آمن أن "الحياة انتصار للأقوياء في نفوسهم لا للضعفاء".
إنها مسيرة "الرفيق" المحب "المستعد دوما" منذ نعومة أظفاره في أفواج الكشاف التقدمي والطالب المجتهد في متابعة دروسه المتقطعة بين الجبهات في حرب خاضها بمبادئ راسخة لم يتنازل عنها في أصعب الأوقات.
وهو المربي الفاضل الذي يستذكره طلابه بعبارته الشهيرة "يا روحي.. أحببتكم فقسوت عليكم" مشدداً على العصامية والنزاهة والاجتهاد.
وهو الصابر على أوجاعه من "روماتيزم" مزمن حاربه لعقود ببشاشة وجهٍ صبوح، وواجهه دوما بنشاط رفيق لم يوفّر جهدا في مسيرته ضد الجهل والتعصب، كما لم يبخل في كفاحه دفاعا عن الثالوث المقدس الارض والعرض والكرامة، مستمرا ببسالة وعناد.
إنه "الاستاذ سلطان" المناقبي بعمله في المدرسة الرسمية التي أعطته وأعطاها، وله في سجلها ملحمة عطاء وحكايات ودّ نسجها مع طلاب كسبوا منه الثقافة والمعرفة وأخذوا بنصائحه مربيا وراعيا ومتابعا لشؤونهم، ومشجعا داعما بشغف ومحبة.
فهذا المسؤول عن جبهة المتن الشمالي العسكرية والمدرّب الصلب على عدة محاور، كان عضوا في قيادة البعثة العسكرية الاولى الى روسيا بعد تخرجه برتبة ملازم وتقليده وسام المعلم كمال جنبلاط في ثكنة "بعورته". وهو في الوقت ذاته المكافح مع رفاقه الاشداء بتشكيل الجسر التربوي فوق خطوط التماس، فكان المربي المنتصر بالأجيال المثقفة على أزيز الرصاص، وكانت له في الصروح التربوية ومدارس الجبل عامة بصمة عطاء، تمثلت بعمله الدؤوب واطلالاته على المنابر خطيبا لامعاً، ومقاتلا تربويا شرسا في معارك خاضها بعمق إيمانه الراسخ بالمدرسة الرسمية وقيم الخير والحق والعدالة على خطى المعلم الشهيد كمال جنبلاط.
سلطان ابو الحسن، الوفي لأهله، لرفاقه الجرحى والشهداء، لمتنه لحزبه لوطنه لمدرسته ولطلابه، وأيضا لخصومه الذين تعلموا منه شرف المواجهة بإباء، لم ينسَ في عجقة نضاله شغفه كباحث وقارئ نهم، فقدّم لمجتمعه عدة مخطوطات أغنت مكتبة "رابطة آل ابو الحسن" العريقة التي أعطاها بجهد وحب، واستضاف على مسرحها ومنبرها العديد من النشاطات الثقافية والندوات الحوارية، واعتلى منصتها في مناسبات سعيدة وأخرى حزينة ألقى فيها كلمات ملهمة ومؤثرة في وداع قريب أو رفيق من عمر النضال.
انه التقدمي الاشتراكي الواقعي الذي بقي وفيا لإنسانيته حتى غدا في يوم رحيله "دمعة عابرة للطوائف" في مآقي الأصدقاء والمعارف والزملاء، و"عهد ووعد" يتجدد في وجدان الرفاق.
سلطان ابو الحسن، شاهد بمسيرته الغنية على نضال حزب عريق آمن بمبادئه حتى الرمق الأخير. اشتراكي شكل بنضاله قدوة للنخبة التي تستطيع أن تقول للأجيال الطالعة "قمت بواجبي" في رحلة عمر أمضاها بين "الزناد والمداد"، ومارس فيها عدة مهام تربوية وحزبية منذ انتسابه للحزب التقدمي الاشتراكي بتاريخ 28/4/1976 في فرع بلدته الأبية بتخنيه، حيث تابع متنقلاً من موقعة لأخرى وصولا الى المصالحة التاريخية التي ساهم مع الرفاق بإرساء قواعدها الاجتماعية بفكر وقلب منفتح يدعو الى اللحمة الوطنية فوق كل اعتبار.
عن مهامه الحزبية وفقا للتسلسل الزمني:
- انتسب لصفوف الحزب التقدمي الاشتراكي بتاريخ 28/4/1976 في فرع بلدته بتخنيه تحت الرقم 21989.
- عُيّن آمر كتيبة صوفر بموجب قرار صادر عن قائد قوات المعلم "كمال جنبلاط" في 28/4/1977
- رقي الى "عضو عامل" بموجب قرار رئاسي في 6/2/1979
- وافق مكتب التنظيم الحزبي على تجديد انتسابه بصفة عضو عامل في فرع بتخنيه تحت الرقم 21171 بتاريخ10/8/1988
- رقي الى "عضو مرشد" بموجب قرار رئاسي بتاريخ 8/1/1990
- عُيّن ممثلا لمفوض التربية والمعارف في هيئة وكالة الشؤون الداخلية لمنطقة المتن بتاريخ6/8/1992
- أعيد تعيينه ممثلا لمفوضية التربية والتعليم في هيئة وكالة الشؤون الداخلية لمنطقة المتن في 6/10/1994 وأيضاً في 13/7/1996
- عُيّن نائبا للمفوض في جهاز مفوضية التربية والتعليم بتاريخ 5/2/1999
- عيّن عضوا في هيئة وكالة الشؤون الداخلية لمنطق المتن بتاريخ 20/9/1999
- عُيّن مفوضاّ لشؤون مفوضية التربية والتعليم بتاريخ 16/1/2002 واستمر فيها حتى قبول استقالته بقرار رئاسي بتاريخ 18/1/2005
هذا وتابع مشواره الحزبي والتربوي رغم تقاعده وظروفه الصحية، رافضا التخلّي عن واجباته الانسانية والاجتماعية على حدٍ سواء. فاستحق بحياته العديد من التكريمات والاوسمة، ليرحل تاركاّ بمسيرته رسالة نضال..