Advertise here

الاستشارات محسومة سلفاً.. مصطفى أديب رئيساً مكلّفاً والعبرة في التأليف شكلاً وبرنامجاً

31 آب 2020 05:41:00 - آخر تحديث: 06 أيلول 2020 05:45:35

يوم الاستشارات النيابية الملزمة حَسم نتيجته مسبقاً إعلان رؤساء الحكومات السابقين، وقد أيّدتهم غالبية الكتل النيابية في ترشيح السفير مصطفى أديب لتكليفه تشكيل الحكومة، وذلك قبيل ساعات من وصول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بيروت، وهو القادم لإحياء ذكرى ولادة لبنان الكبير على يد بلاده منذ مئة عام. وإذا كانت فرنسا لعبت عام 1920، دور القابلة القانونية التي استولدت كيان لبنان، فإنها اليوم في 2020 تعيد لعب دورٍ مشابه علّ الاستيلاد الجديد ينتج أفضل. أما الثابت فهو أن التكليف لن يكون كافياً إذا لم يتبعه تأليف حكومة فاعلة منتجة تقود الإصلاح، وتتصدّى للأزمات المتراكمة، وتخرج من جلابيب المصالح السياسية والمحاصصات، وتقدم برنامج عمل مقنع. وإلّا عبثاً كل ما يجري.

اللافت أنه، وقبل ليلة من مئوية لبنان، توالت الدعوات إلى عقدٍ سياسي جديد، حيث دعا رئيس الجمهورية، ميشال عون، إلى "إعلان لبنان دولة مدنية"، متعهداً "الدعوة إلى حوارٍ يضم السلطات الروحية والقيادات السياسية توصلاً إلى صيغة مقبولة من الجميع تترجَم بالتعديلات الدستورية المناسبة"، وسبقه إعلان الأمين العام لحزب اللّه، حسن نصراللّه، تأييد دعوة ماكرون إلى عقدٍ سياسي جديد، لكنه اشترط أن يكون برضى "كل أطراف الشعب".

وقبل الرجلين، كان البطريرك الماروني بشارة الراعي يؤكّد أن "البطريركية المارونية ناضلت، وبلغت إلى ولادة دولة لبنان الكبير في أول أيلول 1920، وناضلت حتى تحقيق استقلاله الناجز العام 1943، مع ميثاقه الوطني المتجدّد في اتفاق الطائف، واليوم تسعى جاهدةً إلى تأمين استقراره بإقرار نظام الحياد الناشط".

وهذه التصريحات إنما تؤشّر إلى حراكٍ موجود وجدّي، محلي وخارجي، يبحث عن فتح نقاشٍ في صياغة دستورية جديدة، وهو الأمر الذي يبعث على الحذر من أن يؤدي ذلك إلى إطلاق شهية بعض الجهات إلى تكريس وقائع وتحقيق مكتسبات بفعل التوازنات المختلة التي كانت قائمة. وعليه فإن الحل الأمثل يبقى في التفكير بكيفية اجراء تغيير مؤسّساتي سيكون مفتاحه الأول والأخير قانون انتخاب عصري يعتمد التمثيل الوطني.

حكومياً، قالت مصادر مواكبة للاتصالات التي حفل بها يوم أمس لـ "الأنباء" إن المعيار سيكون في تسهيل مهمة الرئيس المكلف، "كحرية اختيار الوزراء دون تدخلات، لا من هذا الفريق ولا من ذاك"، وشدّدت على أن، "هذا الأمر سيكون بمثابة اختبار نوايا؛ فإذا تمكّن أديب من تشكيل الحكومة بالاعتماد على وزراء محايدين وأكفاء ومشهود لهم بالاستقامة، ونظافة الكف، واستنباط الحلول للأزمات نكون قد خطونا باتّجاه الإصلاح المنشود. أما إذا تعثّر التأليف، ودخل الرئيس المكلّف في الزواريب السياسية، فمعنى ذلك أن لا شيء سيتغيّر، ولا قيمة لكل المواقف التي أُطلقت أمس".

القيادي في "تيار المستقبل"، النائب السابق مصطفى علوش، وصف السفير أديب، "بالكفوء الذي يحظى باحترام كل عارفيه"، مشيراً لـ "الأنباء" إلى أنه "مقرّب من الرئيسين الحريري وميقاتي، لكنه غير طامحٍ ليكون زعيماً". ورأى علوش أن، "قدرة أديب على معالجة كل الأزمات والملفات تتوقف على الحكومة التي ستتشكّل، ونوعية الوزراء الذين سيتم اختيارهم. لكن من المؤكد أن اديب لن يكون مطيةً عند جبران باسيل كما كان حسان دياب"، على حد قول علوش الذي شدّد على، "أهمية إعطاء أديب فرصة لأن البلد في حال هريان كامل"، وتوقّع أن، "يكون للحراك المدني حصة وازنة في هذه الحكومة".

وفي غضون ذلك عادت إلى الواجهة مسألة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وذلك بالتوازي مع تحذير مصرف لبنان من نفاد قدرته على دعم المواد الأساسية. وفي هذا السياق رأى الخبير المالي أنطوان فرح أن هذا الموضوع، "متعلقٌ بطبيعة الخطة الإنقاذية، ففي الفترة الأخيرة كان ثمة انطباعاً لدى مفاوضي الصندوق أن الخطة الإنقاذية تحتاج إلى تغيير، واعتبروا أن هكذا خطة غير موّحدة الأرقام لن تمر"، لافتاً إلى أنه "بعد الاستقالات التي حصلت من الوفد اللبناني سيتم تغيير كل الأعضاء، كما يمكن أن يحصل تغييرٌ في وفد الصندوق"، لافتاً إلى أن تغيير الموقف يحتاج إلى تغيير في الأشخاص.

وشدّد فرح على، "وجوب التفاوض برأيٍ واحد وليس بمجموعة، ويجب أن تكون لدينا خطة نتفق عليها، ونسمع صندوق النقد بلغة واحدة وواضحة". وعن التوقعات حول سعر صرف الدولار بعد التكليف والتأليف، رأى الخبير فرح أنه، "متوقفٌ على حجم الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية. فإذا حصلنا على الدعم الخارجي من الآن وحتى شهرين سنرى كيف سيكون حجم الكتلة النقدية التي ستُستخدم. وفي مطلق الأحوال الأمور مرتبطة بالعامل النفسي، فإذا شعر المواطن أن هناك حكومة جديدة، وأن البلد مقبلٌ على انفراجات واسعة في مجالات متعددة فسيكون لهذا الأمر مردوداً إيجابياً قد يساعد على عدم ارتفاع الدولار".

وأضاف فرح: "علينا أن لا ننسى أن هناك ودائع تفوق 160 مليار دولار. فهل ستبقى مجمدةً أم لا؟ وهل ستخضع لـعملية "هيركات" جديدة، أو "كابيتال كونترول"؟ فسعر الدولار مرتبطٌ بهذا العامل".

وعن رفع الدعم، رأى فرح أنه، "يشكّل خطوةً كبيرةً جداً، حتى ولو كان هناك قرار من مصرف لبنان بأنه لا يستطيع أن يتجاوز مبلغ 17 مليار"، مبدياً اعتقاده بأنه، "سيكون ثمة ضغطاً سياسياً على المركزي ليستمر بالدعم".