Advertise here

ضغط الخارج أملى الاستشارات... ماكرون "يبلّ يده" بالوحل اللبناني درءاً للحرب

29 آب 2020 05:20:00 - آخر تحديث: 29 آب 2020 15:21:37

وأخيراً، تم تحديد موعدٍ للاستشارات النيابية الملزمة يوم الإثنين، بعدما كان مفترضاً تحديدها عقب استقالة حكومة حسان دياب مباشرة، لبدء عملية تشكيل حكومةٍ جديدةٍ في أسرع وقت، وحيث  من الضروري أن تبصر النور حكومة فاعلة قادرة وغير مشلولة، تنكبّ على معالجة تداعيات انفجار المرفأ، وأن تتصدى للأزمة الاقتصادية والمعيشية والمالية. لكن رئيس الجمهورية ميشال عون، وبذريعة عدم وجود مهلة لتحديد موعد الاستشارات، وللمرة الثانية في عهده، ذهب إلى بدعة مشاورات التأليف قبل التكليف، ما أدى إلى تضييع الوقت لأسابيع كان يمكن خلالها قطع شوط كبير في مساعي التشكيل، والبدء بجهود وخطوات إنقاذ البلد، وهي خطوات حيوية جداً، لأن تأخّر الإصلاح يعني زوال لبنان، وفق ما حذّر من ذلك رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط.

أمّا وقد تحدّد موعد الاستشارات عشية وصول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم الثلاثاء، فإن الأنظار ستتجه إلى قصر بعبدا الذي سيستضيف الإثنين الكتل النيابية لتسمية الرئيس المكلّف، كما إلى بيت الوسط، وما اذا كان سيصدر عن الرئيس سعد الحريري موقفٌ لجهة تسمية، أو تزكية، شخصية لهذا المنصب... فكيف تبدو صورة الاستشارات يوم الاثنين؟ 

مصادر بعبدا أصرّت عبر "الأنباء" على أن "الرئيس عون لم يتأخر في الدعوة للاستشارات لأنه كان يسعى للاتفاق على اسم الرئيس المكلّف قبل الاستماع إلى رأي الكتل النيابية، إدراكاً منه للخلافات والتباينات القائمة بين الكتل، حيث كان لا بد من بلورة اسم معيّن يتم الاتفاق عليه لهذه المهمة، لكن مساعيه اصطدمت بمواقف القوى السياسية التي ليس لديها تصوّر واضح حول تشكيل الحكومة. فهناك فريق يريدها حكومة سياسية، وآخر يطالب بحكومة حيادية، أو اختصاصيين، وهو ما يعكس عمق الفجوة التي تعيشها الطبقة السياسية". واعتبرت المصادر أن، "رئيس الجمهورية مدركٌ لهذا الواقع المرير، ومن هنا كان تريّثه بتحديد موعد الاستشارات". وتمنّت المصادر أن يسلك تشكيل الحكومة طريقه إلى الحل لأن الوضع لا يحتمل الانتظار. 

توازياً، أبلغت مصادر متابعة "الأنباء" أن المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، "يجري اتصالات بعيدة عن الإعلام مع رؤساء الكتل يأمل من خلالها التوصّل إلى الاتفاق على تسمية الحريري أو من يقترحه، لأن الظروف التي يمرّ بها لبنان تقتضي أن يكون الرئيس المكلف من الشخصيات ذات التأثير القوي، ولأن تسمية رؤساء حكومة غب الطلب لا يخدم المصلحة الوطنية".

عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب ياسين جابر، كشف في حديثٍ مع "الأنباء" أن، "الاتصالات لم تنقطع بين عين التينة وبيت الوسط، وأن النائب علي حسن خليل مكلّف من قبل الرئيس نبيه بري متابعة هذه الاتصالات التي تتمحور حول أمرَين: إمّا رجوع الحريري عن قراره بعدم الترشح، أو تسمية الشخص الذي يراه مناسباً، وهذه رغبة بري وحزب الله معاً. لكن لا شيء محسوماً حتى الساعة بعد، وكل ما يمكن قوله أن الترقّب هو سيّد الموقف، ولن يُعلن شيء عن التفاوض القائم قبل الإثنين؟ وحتى الساعة لا زالت عين التينة مع ترشيح الحريري على اعتباره الوحيد القادر على امتصاص نقمة الشارع، وقد رأينا ماذا جرى أمس الأول".

ولفت جابر إلى، "ما قالته مي خريش، نائبة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، عن أهمية الحريري كأقوى ممثل للطائفة السنّية، وهذا اعترافٌ ملفت في ظل الكباش القائم بين بيت الوسط وميرنا الشالوحي"، مضيفاً: "في كل الأحوال لا تزال الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات". واعتبر جابر أنه، "إذا لم تُشكّل حكومة قادرة على الإنقاذ فلبنان ذاهب إلى الزوال. فالوقائع مخيفة جداً ولا توحي أبدا بالطمأنينة".

من جهته، عضو كتلة "تيار المستقبل" النائب محمد الحجار، لفت عبر "الأنباء" إلى أن "الخرق الفاضح في الدستور من قِبل الرئيس عون باعتماده أسلوب التأليف قبل التكليف يُعدّ فضيحة الفضائح"، وأضاف: "نحن، ككتلة مستقبل لم نكن راضين عن هذه الطريقة، ولا يجوز تسمية الرئيس المكلّف قبل الاستشارات"، كاشفاً أن، "بيان عزوف الحريري عن الترشيح كان الهدف منه وقف الابتزاز الذي مارسه النائب باسيل".

وعمن سيكون مرشّح "المستقبل"، قال الحجار: "من المفترض أن تتبلور الصورة حتى يوم الاثنين، ونحدّد اسم الرئيس المكلّف". وحول التداول باسم السفير نواف سلام، قال إن، "هناك فيتو عليه من قبل الثنائي الشيعي"،  مشدداً على أن الرئيس الحريري، "لن يسمي أحداً قبل موعد الاستشارات، وذلك لوقف الهرطقة وتجاوز الدستور، وهو يجري سلسلة مشاورات مع نواب الكتلة ورؤساء الحكومات السابقين، ومع القيادات السنّية لبلورة موقفٍ موحّد في هذا الخصوص".

بدوره، أوضح عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب أنيس نصار، عبر "الأنباء" أن "لا قرار لدى القوات اللبنانية بعد، وأن التكتل سيعقد اجتماعه يوم الأحد للتداول في هذا الموضوع"، مؤكداً أن "التكتل لا يزال يتّجه نحو حكومة حيادية تتشكل من اختصاصيين تكون قادرة على تنفيذ الإصلاحات، لأننا لن نقبل بعد اليوم بالنمط الذي كان معتمداً في الحكومات السابقة".

وفي هذا السياق، أبلغت مصادر التيار الوطني الحر "الأنباء" أنّ، "اسم مرشّحها للرئيس المكلّف لن يتم الكشف عنه قبل موعد الاستشارات، ولقاء الرئيس عون مع تكتل لبنان القوي".

أما تيار المردة فقد كشفت مصادره عن، "تمسّكه بالحريري لأنّ الوضع في البلد لا يحتمل المغامرات، وخير مثال حكومة حسان دياب"، آملةً عودة الحريري عن قراره.

وفي ظل هذا الغموض الذي يلف الملف الحكومي، بات واضحاً أن خطوة تحديد موعد للاستشارات النيابية لم تكن وليدة فكرة المسؤولين اللبنانيين، بل أتت بنتيجة الضغط الدولي، وتحديداً فرنسا، والذي يتولّاه، مباشرة، رئيسها إيمانويل ماكرون، الذي قرّر أن "يبلّ يده" في الوحل اللبناني، لأن لبنان لا يمكن تركه، فذلك يعني "حرباً أهلية". وعليه لا يبدو أن حلاً سيبصر النور إلّا بموجب التدخل الخارجي الذي وحده سيجبر أهل الحكم على التحرّك، لكونهم في انفصامٍ تام عن المصلحة السيادية الوطنية، وعن مطالب الناس.