إعتبر مستشار رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي رامي الريس أن "بعض اللبنانيين أصبحوا خبراء بإضاعة الفُرص وتفويتها، والتي لو كان يتم التقاطها باللحظة المناسبة لكانت تغيّرت الكثير من الظروف المأساوي التي يمر بها لبنان راهناً".
وفي حديث عبر "إذاعة الشرق" مع الإعلامية ماجدة داغر، حمّل الريس "مسؤولية ما يحصل في لبنان إلى القوى السياسية القابضة على السلطة وإلى العهد ومن يتحالف معه"، معتبراً أن "موازين القوى قد إختل بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية لصالح تلك الأطراف التي لا تسيء إدارة البلد فحسب، بل تريد تغيير هوية لبنان وتسعى لاستلحاقه بمواقع تتناقض مع تاريخه ودوره وثقافته".
وأردف قائلاً: "إن المثال الأبرز في هذا المجال هو العرف الجديد الذي كرّسه رئيس الجمهورية المفترض أنه مؤتمن على تطبيق الدستور، من خلال ابتداع ما يسمى التاليف قبل التكليف. فعند استقالة الحكومة يجب أن يدعو رئيس الجمهورية الكتل النيابية للاستشارات الملزمة باجرائها وبنتائجها وأن يتم تسمية رئيس الحكومة المكلف، وبعدها يقود الرئيس المكلف بالتنسيق مع رئيس الجمهورية عملية المشاورات السياسية مع الكتل النيابية والقوى الفاعلة من أجل تأليف حكومة جديدة".
وتابع: "هذا حصل مع الحكومة السابقة عندما تم استدعاء الرئيس حسان دياب بالطريقة المعروفة إلى قصر بعبدا والتفاوض معه قبل تكليفه بتشكيل الحكومة والآن يتم تكرار السيناريو ذاته"، مضيفاً "أن دور رئيس الجمهورية هو أن يدعو للاستشارات ويضع الكتل النيابية أمام مسؤوليتها باختيار مرشح جديد لرئاسة الحكومة بدل تنظيم حفلة مشاورات في الخفاء وفي الغرف المغلقة بعيداً عن الأضواء بين الكتل النيابية الأساسية لاسقاط تسمية رئيس الحكومة من خارج الأصول الدستورية".
وأشار الريّس إلى "بروز ظاهرة سياسية تمزج بين المراهقة والصبيانية في التعاطي مع الأمور السياسية بخفة شديدة وبين تغليب المصالح الفئوية الضيقة الخاصة على المصلحة الوطنية العليا وكأن شيئاً لم يحدث في البلد آخره الانفجار الهائل وما كان سبقه من حالة انهيار وتلاشي لكل مكونات الدولة والمجتمع والاقتصاد، وها هم يواصلون النقاش حول الحصص والحقائب والاوزان والاحجام وشكل الحكومة"، مؤكداً "أنه ثمة انفصام عن الواقع لبعض القوى السياسية وثمة مقاربة مريضة وفهم للامور كأحد التصريحات التي سمعناها منذ يومين أن قنبلتي هيروشيما وناكازاغي كانتا تستهدفان مسيحيي اليابان وانفجار بيروت تتمة لذلك الأمر!".
وسأل: "إذا كان هذا هو مستوى التفكير لأكبر كتلة نيابية في البلد وهذه هي المقاربة المريضة لفهم الواقع اللبناني المعقد، كيف سنتوقع من هذه الجهات أن تحسن إدارة البلاد وتخرجها من مآزقها المتفاقمة؟!".
أضاف: "إن صندوق النقد الدولي أصبح الممر الوحيد لمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه من البلد، ومع ذلك نرى الخفة في التعاطي بالموضوع من خلال تأخير الدعوة للاستشارات النيابية وتأخير تشكيل الحكومة والبقاء في هذه الحالة المزرية".
وقال الريّس أن "لبنان بحاجة لحكومة تستطيع مواجهة التحديات الكبيرة وتوقف حالة الانهيار وتعيد الثقة بلبنان لأن الثقة هي المدخل لإعادة تدفق رؤوس الأموال والعمالة الصعبة وإعادة ضبط كل الوضع النقدي".
ورداً على سؤال أجاب الريس: "الخيارات الانتحارية الحالية هي نتيجة السياسات والمواقف والمقاربات المريضة المحكمة بعقول البعض، إذ أن الأطراف القيّمة على الحكم اليوم هي التي امعنت في كل ادائها السياسي بمختلف المحطات السابقة في تحطيم المؤسسات الدستورية وتعطيلها بما يتناسب مع مصالحها".
ورأى الريس أن "البطريرك الراعي وضع الاصبع على الجرح وأعاد فتح النقاش حول مسألة مهمة وهي الحياد ودور لبنان في المنطقة وانتقاله من حالة الساحة لتصفية الصراعات الإقليمية إلى لبنان الدولة المستقرة والحيادية، ونحن ايدنا هذا الموقف وسبق أن أشرنا إلى معظم هذه النقاط في المذكرة التي حملها رئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط إلى لقاء بعبدا الحواري الأخير وفيها تذكير بموضوع الاستراتيجية الدفاعية ومقررات الحوار وعدد من الأمور التي باتت أكلاف تأجيلها مرتفعة وباهظة".
وختم الريّس بالقول: "لا معجزات في السياسة. هناك سياسات جديدة يفترض أن يتم رسمها وخطوات يجب أن تتخذ لإعادة الثقة إلى اللبنانيين الذين يهاجرون بعدما فقدوا الأمل وإلى الأطراف الخارجية التي ترغب بمساعدة لبنان ولكن لا ترى أي مؤشر يشجعها على ذلك!".