Advertise here

اللبنانيون يواجهون عملية تصفية... نادر لـ"لأنباء": البلد بحاجة لعملية جراحية

26 آب 2020 10:58:40

تعرضت ذاكرة اللبنانيين، وثقافتهم، وتاريخهم إلى عدة محاولات تصفية وإعادة كتابة، منذ نشأة لبنان، خدمةً لمشروع "عشيرة، أو قبيلة، أو عائلة، أو دين، أو حزب". غير أن لبنان بقي في وعي أبنائه، والوعي الجمعي العام 
العربي والدولي رمزاً للحرية والديمقراطية والانفتاح، ومركزاً ثقافياً، وعلمياً، وطبياً، في المنطقة. 

توالت الأحداث مؤخراً بشكلٍ متسارع، وتعاظمت المصاعب على اللبنانيين منذ ربيع العام 2019، فبدأوا يلمسون ما تهامسوا به لفترة من الزمن عن إمكانية حدوث أزمةٍ اقتصادية كبرى، كانت أولى بوادرها أزمة المحروقات، ليتجمّعوا أمام محطات الوقود لتعبئة خزانات سياراتهم آملين أن يتمكنوا من متابعة تسيير أعمالهم المتراجعة أصلاً بفعل تردي الوضع الاقتصادي منذ ما قبل الانتخابات النيابية في نيسان 2018، والتي أعادت الطبقة السياسية الحاكمة بصالحها وطالحها إلى الندوة البرلمانية. 

فما الذي أوصل لبنان واللبنانيين إلى ما وصلوا إليه، وهل نعيش نتائج السياسات المالية التي اتُّبعت منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، أم أنّ للأزمة الحالية أسباباً سياسيةً وثقافيةً أعمق من كونها أزمة اقتصادية قد نخرج منها عند تحقيق الإصلاحات المطلوبة؟ 

يقول مدير مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية سامي نادر لـ"الأنباء" إنّ، "السياسات المالية السابقة كانت وسيلةً لإعادة الإعمار ويشوبها، أولاً، رهانها على السلام الذي عوّل عليه الشهيد رفيق الحريري ولم يأتِ، بل كبّد البلد ديوناً. ثانياً، بدعة تطوير سياسة اقتصادية تنموية دون حلّ الأزمة السياسية الأساسية، والمتمثّلة بسلاح حزب اللّه، والذي أوصلنا إلى انفجار الرابع من آب في مرفأ بيروت. والشائبة الثالثة هي مبدأ تثبيت سعر الصرف بشكل مصطنع بهدف استقطاب الاستثمارات حيث تُطرح عليه نقاط الاستفهام،  ولم يكن حلاً مستداماً". 

وأكّد نادر أنّه، "كي نخرج من هذه الأزمة نحن بحاجة إلى تغييرٍ كامل. فالتسويات والترقيعات لم تعد مجدية. وكلفة إصلاح الدمار الذي خلّفه تفجير المرفأ تبلغ 30 مليار دولار. لكن المغترب انعدمت ثقته بالمصارف، ويبقى الحل في التوجّه إلى صندوق النقد، وإجراء عملية جراحية لإنقاذ البلد".

وفيما مرّ أسبوعان ولم يوجّه رئيس الجمهورية بعد الدعوة الى استشارات نيابية لتكليف رئيسٍ جديدٍ للحكومة، قال نادر: "لقد خرجت كل المؤسّسات عن مسارها الدستوري. وعودة الانتظام صعبة وتحتاج إلى طبقةٍ سياسية وعقلٍ جديدَين. نحن انتخبنا من أوصلنا إلى الهلاك، والذي لا زال يحكم باسم الطوائف. وهناك فئة من الشعب، للأسف، لا زالت تستهويها هذه الخطابات، علماً بأنّنا قادمون على أوضاعٍ أصعب في الأشهر المقبلة، فهل سيستخدم الزعيم أمواله الخارجية كي يُطعم الناس؟"

وفي الخلاصة فإن لبنان الذي نعرفه قد بات على مفترق طرق، فهل ستسمح لعبة الأمم بنجاح قوى الاعتدال في إعادة إحياء الذاكرة الجماعية، وينجح الشعب اللبناني بالمحافظة على ثقافة وتاريخ بلده، للعبور من الأزمة الراهنة إلى دولةٍ مدنيةٍ علمانية؟ أم أنّ القوى الممانعة ستنجح في تخريب الذاكرة، وتحوير التاريخ بما يتناسب مع ثقافتها؟