Advertise here

هاجس رفع الدعم يلاحق اللبنانيين... غلاء جنوني والعين على رواتب الموظفين

25 آب 2020 11:00:48

وقع خبر احتمال رفع مصرف لبنان الدعم عن المواد المدعومة الأساسية من محروقات، ودواء، وطحين، وقع الصاعقة على اللبنانيين، ليضع قدرتهم الشرائية في مهب ريح الارتفاع الجنوني الذي سيصيب الأسعار، وبالتالي سيشكل خطراً حقيقياً يداهم معيشتهم، وذلك بعد أن بات 50% منهم تحت خط الفقر، وهي نسبة مرجّحة للارتفاع في المستقبل القريب، لا سيّما إذا ما تم الإقدام على رفع الدعم.

فقد نقلت وكالة "رويترز" عن مصدر رسمي عدم قدرة "المركزي" على الاستمرار في دعم السلع الأساسية، وهي القمح، والدواء، والوقود، لأكثر من ثلاثة أشهر في ظل تراجع احتياطات المصرف، وهي مواد أساسية واظب المركزي على دعمها إلى جانب المواد المدعومة وفق السلّة الغذائية التي أقرّتها وزارة الاقتصاد. ويقدّر حجم الدعم الذي يوفره المصرف لمجمل هذه المنتجات بقيمةٍ تتراوح ما بين الـ600 والـ700 مليون دولار شهرياً.

وتوضيحاً لهذا الأمر، أشار المدير التنفيذي لشبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية، زياد عبد الصمد، في حديثٍ مع جريدة "الأنباء" الإلكترونية، إلى أن "احتياطي مصرف لبنان منذ أشهر لم يتعدَّ الـ21 مليار دولار. إلّا أن 17 ملياراً منها هي احتياطات للمصارف اللبنانية، وهي للمودعين وبالتالي لا يمكن لمصرف لبنان التصرّف بها إلّا بحكم ظروفٍ استثنائية، وعلى المصرف التوقف عن استهلاك الإحتياطي عند الوصول إلى حد الـ17.5 مليار دولار، وبالتالي يعكس الإعلان عن وقف هذا الدعم اقتراب نفاذ الأموال المسموح استخدامها".

ويفصّل عبد الصمد دعم المصرف المركزي للمستوردات، ويقسّمها إلى قسمين: المواد الأساسية الثلاث التي يؤمّن 90% من كلفتها بالدولار من احتياطه على سعر صرف 1,500 ليرة، والاعتمادات الائتمانية التي يفتحها التجّار من أجل استيراد باقي السلع التي أُدرجت ضمن السلّة الغذائية، بدولار 3,900 ليرة، وبالتالي وقف الدعم سيطال الشقّين".

وعن الأسباب الأساسية وراء تراجع الاحتياطي دون تأمين مبالغ بدل المصروفة، فقد رأى عبد الصمد أن، "لا اقتصاد فعّال للدولة اللبنانية اليوم. والمركزي لا يحقق مداخيلاً أو أرباحاً في ظل غياب الإيداعات في المصارف، والهبات والمساعدات الدولية، وغياب أرباح استثمارات القطاع العام، كالكازينو وغيره، كما وتراجعت التحويلات النقدية من الخارج، وبالتالي يقتصر تمويل الدولة اليوم على جباية الضرائب، ما يهدّد، وبشكلٍ خطير إمكانية تأمين مصاريفها، كمداخيل موظّفي القطاع العام، وقد لا تتمكّن من تسديد هذه الرواتب بعد حين".

أما في ما خص الارتفاع الذي سيصيب السلع المذكورة، فقد أشار عبد الصمد إلى أن، "المواد الثلاث المدعومة والتي لم يتغيّر سعرها سابقاً إلّا بنسبة بسيطة، كربطة الخبز، سيتضاعف سعرها أكثر من ثلاث مرّات لتزيد عن حد الـ6,000 ليرة للربطة بدل الـ2,000 ليرة، فيما صفيحة البنزين ستلامس الـ60 إلى 70 ألف ليرة.
أما السلع التي دعمها المصرف بدولار 3,900 ليرى عبر الاعتمادات، فسيرتفع سعرها أيضاً ما بين الضعفين والثلاثة أضعاف، إضافةً إلى الزيادة السابقة التي طرأت".

إلّا أن عبد الصمد ربط هذه الأرقام بالواقع الاقتصادي الحالي من جهة، وأسعار الأسواق العالمية من جهة أخرى، إذ أن أي تراجعٍ إضافي يستجد على الاقتصاد الداخلي، أو أي أزمة أسعار تطرأ في الأسواق العالمية، سيكون لها وقعاً سيئاً على أسعار السوق اللبناني.

من جهة أخرى، ينفي عبد الصمد فرضية رفع الدعم التزاماً بشروط صندوق النقد الدولي، والقاضية بتخفيض نسبة الإنفاق العام، موضحاً أن "الصندوق يوصي بتخفيض النفقات، وتحقيق زيادة في الواردات، إلّا أنه لا يشترط رفع الدعم عن المنتجات الأساسية، بل قد يكون رفع الدعم عن قطاع الكهرباء هو الباب، أو تخفيض رواتب القطاع العام، أو حتى تخفيض نسبة خدمة الدّين العام، وهو إجراء اتخذته الحكومة في شهر آذار الماضي حينما تخلّفت عن دفع سندات اليوروبوند، لكن بعشوائية ودون مفاوضة الدائنين، ما أساء إلى سمعة لبنان الخارجية، وأثّر على الثقة العالمية به".

وعن الحلول، أو الخيارات التي يمكن التوجّه إليها لتفادي الانفجار الاجتماعي المنتظر بحال رفع الدعم دون وجود بديل، فقد لفتَ عبد الصمد إلى، "وجوب تلازم مسارين في هذه الخصوص: 

أولاً، على المركزي أن يزيل الدعم تدريجياً عن المواد المدعومة، لا دفعةً واحدة، على أن تترافق العملية مع بدء العمل لتحرير سعر الصرف أيضاً بطريقة تدريجية، لتخفيف ضغط محاولات تغطية فوارق أسعار الدولار من جهة، والركون إلى سعر موحّد بين المصارف والصرّافين والأسواق من جهة أخرى.

ثانياً، التوجه نحو صندوق النقد، والالتزام بالإصلاحات في مختلف القطاعات، ومنها الكهرباء، وضبط المعابر وغيرها، والتي من شأنها تخفيف الضغط على مالية الدولة بحكم العجز الذي تسبّبه، وتمكّنها من الاستفادة من الأموال المحصّلة بعد وقف الهدر، كما واستعادة الثقة الدولية من أجل استقطاب المساعدات". 

وفي هذا السياق، يرى عبد الصمد أن، "مشهد الانهيار الاقتصادي يحتّم ضرورة إعلان حالة طوارئ، وتشكيل حكومة قادرة على إدارة البلاد، في حين أن الإدارة السياسية الحالية تعكس، في سعيها وراء تقاسم الحصص، انفصاماً تاماً عن حجم المسؤولية".