Advertise here

تحذير أميركي للحكومة... ورسائل مبطّنة

20 شباط 2019 09:04:15

ما كان لافتاً بالأمس، وجديداً على مشهد الرتابة الداخلية، هو الموقف الذي أطلقته السفيرة الأميركية اليزابيت ريتشارد بعد لقائها رئيس الحكومة سعد الحريري في السراي الكبير. كلام ريتشارد حول الحرص الأميركي على العلاقة مع لبنان وتعزيز إطارها التعاوني، لم يخلُ من توجيه رسالة مبطّنة، أرادت لها السفيرة أن تكون علنية من خلال غمزها من قناة "حزب الله" دون أن تسمّيه. لكن الأكيد وفق المتابعين أن ريتشارد لم تقصد "حزب الله" فقط، بل قصدت توجيه رسالة للحكومة ككل حول سياستها التي ستتبعها، سواء في ملفات اقتصادية اجتماعية أو ملفات سياسية، على غرار سعي بعض القوى إلى حصار قوى أخرى، وبالتالي الاستناد إلى قوة "حزب الله"، أو اعتماد سياسته في تطويق بعض الأطراف على الساحة السياسية.

وقالت ريتشارد:"لقد كنت صريحة مع رئيس الوزراء حول قلق الولايات المتحدة بشأن الدور المتنامي في الحكومة لمنظمة لا تزال تحتفظ بميليشيا لا تخضع لسيطرة الحكومة، وتستمر في اتخاذ قراراتها الخاصة بالأمن القومي وهي قرارات تعرض بقية البلاد للخطر، وهي تستمر في خرق سياسة النأي بالنفس التي تعتمدها الحكومة من خلال مشاركتها في نزاع مسلح في ثلاث دول أخرى على الأقل. وهذا الوضع لا يساعد على الاستقرار، بل يشكل زعزعة له بشكل أساسي."

الموقف واضح، خاصة أنه يأتي في ظلّ خرقين أساسيين لمبدأ النأي بالنفس، من قبل وزيرين محسوبين على حصة رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحرّ، وأحد هذين الموقفين هو زيارة إلى سوريا وعقد لقاءات فيها، بينما الحريري بقي على إصراره أنه لم يكن على علم بهذه الزيارة، وهي تنحصر في الإطار الشخصي، ولا تعبّر عن سياسة الحكومة، على الرغم من استقباله لوزير شؤون اللاجئين، الذي حاول المراوغة في إجابته، ولجأ إلى عدم الوضوح والهروب لدى سؤاله عن مدى تنسيق زيارته من عدمه.

ما يحذّر منه الأميركيون بحسب ما تؤكد مصادر متابعة لـ"الأنباء" هو مجانبة منطق الثنائيات الحكمية، لأن منطق عزل القوى السياسية الأخرى، سيفيد فقط سياسة النظام السوري و"حزب الله" وفق التوصيف الأميركي، لأن ذلك سيسمح بالاستفراد بكل جهة على حدة. ومن الواضح أن التحذير الأميركي يتلاقى مع تحذيرات دولية أخرى، هي ناجمة عن قراءة دقيقة لحقيقة الوضع اللبناني.

كلام ريتشارد لاقاه كلام أساسي آخر لرئيس مجلس النواب نبيه برّي، وإن من سياق مختلف ولغاية أخرى، لكنه أيضاً يؤشر إلى ما قد يعصف بإيجابية تشكيل الحكومة من خلال ممارستها أو أداء بعض القوى فيها، هذا التخوف عبّر عنه برّي على طريقته إذ قال:"أنا لست خائفًا على الحكومة إلّا من الحكومة نفسها، ولا نريد أن يكون كلّ وزير حكومة مستقلّة داخلها؛ هذا الأمر أخشى منه". وما يقصده برّي هنا، توجيه رسالة إلى بعض القوى، بعدم السير بمنطق تصفية الحسابات، أو الانقسام على الذات بدلاً من تحقيق الإنجازات والإصلاحات في الملفات التي تعني الناس.