Advertise here

"بلطجة" الصيارفة مستمرّة.. الدعم على الدولار قد يتوقّف

16 آب 2020 21:54:00 - آخر تحديث: 04 أيلول 2020 16:53:28

حين أفسح مصرف لبنان والحكومة منذ أشهر المجال للصرّافين بالمشاركة في إدارة أزمة الصرف، وانهيار الليرة، لم يأهبوا حينها إلى أنهم يتعاملون مع تجار سوق سوداء. وإن كانت قلة منهم تراعي القوانين، غير أن غالبيتهم يشكلون جزءاً لا يتجزأ من السوق السوداء. ويدير البعض منهم عمليات الإتجار بالدولار والمضاربة على العملة الوطنية على منصات التواصل الإجتماعي، ومن خلال صغار تجار الشنطة.

لا رادع
ولطالما تعامل الصرّافون مع المواطنين بما ينسجم وأساليب البلطجة على اختلاف أشكالها. يعمدون إلى إذلالهم، فلا معايير ولا ضوابط تردعهم عن قبول إتمام عملية تحويل نقدي إلى الخارج لمواطن دون آخر. ولا من رادع لهم حين يرفضون إجراء أي تحويل لحساب عامل أجنبي أو طالب لبناني في الخارج، أو أي من التحويلات التي يسمح بها تعميم مصرف لبنان. فالتحويلات تتوقف فقط على "مزاج الصرّاف"!

تقتصر عمليات تحويل الدولار النقدي اليوم على عدد قليل من صرّافي الفئة الأولى. فلا يتجاوز عددهم في بيروت على سبيل المثال ثلاثة صرافين فقط، يستمرون بتحويل الدولار المدعوم من مصرف لبنان وفق سعر صرف 3900 ليرة إلى الخارج، كرواتب عاملات أجنبيات يعملن في الخدمة المنزلية، أو أقساط جامعية لطلاب مسجلين في جامعات خارج لبنان، وغيرهم ممن يشملهم قرار الاستفادة من الدولار المدعوم. والسبب أن غالبية الصرّافين من الفئة الأولى انسحبوا من المشاركة بهذه العملية. وبالتالي، توقفوا عن شراء الدولار من مصرف لبنان، لعدم تمكنهم من تحقيق أرباح بالشكل الذي اعتادوا على تحقيقه منذ بداية أزمة الدولار وحتى اليوم، من خلال عمليات الإتجار بالعملة.

إذلال وإهانة
أما الصرّافون الذين استمروا بشراء الدولارات من مصرف لبنان، فكانوا يعمدون إلى إذلال الناس بكل إصرار، حتى أن من أولئك الصرّافين من يوكل مهمة تنظيم طوابير المواطنين الذين ينتظرون دورهم، لإتمام عملية تحويل الدولارات إلى الخارج بالسعر المدعوم، إلى أحد العاملين لديه فيعمل الأخير على ابتزاز المواطنين، من خلال رفض طلباتهم رغم قانونيتها، او تأخيرهم لعدة أيام ما لم يدفعوا له عمولة.. حينها يسلك الطلب مساره الطبيعي وتتم عملية التحويل في اليوم نفسه.

صرّاف آخر لم يتردّد في التفوّه بتعابير مهينة لإحدى السيدات التي انتظرت أمام محله على مدى يومين متتاليين، ليوافق أخيراً على تحويل مئتي دولار إلى الخارج لحساب العاملة الأجنبية لديها، والقول "اشكري الله أني وافقت على التحويل واعلمي أنها المرة الأخيرة"... لماذا كل هذا الإذلال للمواطنين؟ تتذرّع نقابة الصرّافين بأن الصرّافين يواجهون ضغوطاً بالطلبات في حين ان مصرف لبنان لم يعد يسلّمهم مبالغ كبيرة. أما المبالغ التي يتم تسلّمها فلا تكفي لعدد قليل من عمليات التحويل.

نعم، مصرف لبنان خفض عمليات دعمه للدولار المحوّل إلى الخارج، إن للعاملات الأجنبيات أو الطلاب اللبنانيين أو سواهم، ذلك بعد مباشرته بدعم السلة الغذائية عبر المصارف. فقيمة التحويلات إلى الصرّافين لا تزيد حالياً عن 30 ألف دولار لكل منهم، أو ما يقارب مليون دولار فقط يومياً، لصرّافي الفئة الأولى المستمرين بشراء الدولار المدعوم. لكن ذلك لا يبرّر "بلطجة" وتسلّط الصرافين على المواطنين المضطرين إلى شراء الدولار وتحويله إلى الخارج، خصوصاً أن الصرّافين أنفسهم لطالما اعتمدوا هذه الأساليب، وأذلوا الناس، منذ بداية اعتماد سياسة دعم الدولار وحتى اليوم. أي منذ أن كانت حصة الواحد منهم تبلغ ملايين الدولارت. فالبلطجة لم يخلقها ضغط الطلبات وشح الدولار.

توقف الدعم
أما عن سياسة الدعم بشكل عام، خصوصاً دعم الدولار، فمن المتوقع أن تتوقف عاجلاً أم آجلاً. إذ أن احتمال استمرارها بات ضئيلاً جداً، مع إقرار مصرف لبنان استئناف تسليم الدولارات المحوّلة من الخارج عبر شركات تحويل الأموال إلى أصحابها بالدولار نقداً، وليس بالليرة وفق سعر صرف المنصة الإلكترونية، أي 3850 ليرة للدولار. وعلى الرغم من صوابية قرار مصرف لبنان كف يده عن الدولارات المحولة إلى المواطنين، والتوقف عن سلبهم إياها، فإن هذه الخطوة ستُجرّده من قدرته على التدخل لدعم الدولار المحول إلى الخارج، والدولار المخصص للاستيراد، ولدعم السلة الغذائية. وبالتالي، سيضطر البنك المركزي إلى استخدام ما تبقى لديه من احتياطي بالعملة الأجنبية لتمويل أي دعم يقرر الاستمرار به. وإذا كان سيستمر بدعم استيراد القمح والمحروقات والأدوية، فإنه من دون شك سيتخلى عن دعم الدولارات المخصصة للتحويل إلى حسابات العمال الأجانب في الخارج، وإلى سداد أقساط جامعية للطلاب اللبنانيين في الخارج. وربما يضطر إلى التوقف عن دعم السلة الغذائية.