أزمةٌ إضافية إستجدّت على القطاع الإستشفائي، لها من الثقل ما يمكنه تعميق أثار الأزمات المتلاحقة على مدى الأشهر الماضية جرّاء الإكتواء بنار الأسعار وفرق سعر صرف الدولار، لتدق في نعشه المسمار الأخير.
فقد قضى إنفجار بيروت على البشر والحجر، وكانت للمستشفيات القريبة من موقع الإنفجار حصة من الدمار الذي لحق بالأبنية المحيطة. اذ لشدّة الأضرار التي ألمّت بالصروح الإستشفائية، توقّف مستشفى القديس جاورجيوس (الروم) عن العمل مباشرة بعد حدوث الإنفجار، فلم يتمكّن من إستقبال أي مصاب، بل إضطر إلى إخلاء جميع المرضى، وهي عملية نادرا ما تقوم بها المستشفيات، إلّا في حالات الإنهيار الفادح. وكذلك الأمر مستشفيي الجعيتاوي والوردية، ولو بأضرار أخف.
الجدير ذكره أن المستشفيات المذكورة لم تتخلَّ عن رسالتها الإنسانية رغم الدمار، فواصلت، بقدر المستطاع بما تبقّى من إمكانيات، إستقبال المصابين ورعايتهم في مستشفيات ميدانية أنشأتها بُعَيد وقوع الإنفجار، لتستنفذ مخزون شهر ونصف من المستلزمات الطبية في ليلة واحدة.
إن الدمار الذي حصل في تلك الليلة المشؤومة، وإستنزاف موارد القطاع، التي يعاني شحّها أساساً في الفترة الأخيرة لإرتفاع سعر صرف الدولار، يحتّم ترميم الوضع وإعادته تحت السيطرة. وفي هذا السياق، وصف نقيب أصحاب المستشفيات سليمان هارون المساعدات الدولية التي تصل إلى الجيش بـ"الجيدة"، مشيرا إلى أن "الكمّيات ليست بالقليلة، وهي متنوعة، ومن المفترض أن تُعوّض الخسائر التي لحقت بالمستشفيات يوم الانفجار، خصوصا مع تدفّق المزيد مع الوقت"، إلّا أنه ذكر أن "الدعم الخارجي يقتصر على المستلزمات الطبية، في غياب لأي مساعدات نقدية تعيد ترميم ما تهدّم".
وفيما تضافرت جهود محلية لتقديم المساهمات المالية لهذه المستشفيات في سياق الترميم، أبرزها من رئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط، أعلن هارون في حديث لـ"الأنباء" عن "إتصالات قائمة مع الجهات الدولية لتأمين المال المطلوب، أو الـFresh Money لإصلاح ما أفسده الإنفجار، بحيث أن معظم المواد المطلوبة مستوردة بالدولار، كما أن بعض المستشفيات بدأ بإجراء إصلاحات محمولة الكلفة".
وعن مدّة غياب هذه المستشفيات عن الخدمة، توقّع هارون "غياب كل من مستشفى الروم والوردية لقرابة الأربعة أشهر، وشهرين لمستشفى الجعيتاوي"، لافتا إلى أن "بعضها أعاد العمل بأقسام لم تتأذى، فيما المستشفيات المتبقية في العاصمة وخارجها تعمل كالسابق".
كما شكر هارون "الدول التي تقدّمت للبنان بمستشفيات ميدانية، والتي ساعدت بعد الإنفجار مباشرة في إستعياب الإصابات، إلّا أنه لم يرَ حاجة فعلية لزيادة أعداد هذه المستشفيات اليوم، إذ أن الإنفجار إنتهى، والمستشفيات الميدانية تبنى عادةً في حالات الحروب أو الأزمات المستمرة لمعالجة المصابين، وقدرتها لا تتخطى هذه الحدود".
وختاما، طمأن هارون لعدم وجود نقص في الأدوية، خصوصا بعد شيوع خبر دمار مركز يحتوي على أدوية لأمراض مستعصية.