Advertise here

استعراض قوى بزيارات خارجية... فمن يفجر طريق الحكومة؟

19 شباط 2019 09:08:00 - آخر تحديث: 19 شباط 2019 12:54:10

على ما يبدو أن ثمة من يصرّ على تفجير طريق الحكومة قبيل انطلاقتها. وثمّة من يحاول استجداء عملية استعراض قوى بزيارات خارجية لأجل إثبات وجود مفقود، على قاعدة الظواهر الصوتية أو الصورية. استباق الحكومة بزيارة إلى دمشق، وموقفان يمثّلان انقساماً وخرقاً للنأي بالنفس من قبل وزير الدفاع الياس بو صعب، يعتبران مؤشّراً صعباً لما ينتظر هذه الحكومة من انقسامات وخلافات على طاولة مجلس الوزراء في كل جلسة سيعقدها.

بالتأكيد أن زيارة وزير شؤون اللاجئين إلى دمشق، ومواقف وزير الدفاع، أولاً تجاه تركيا ووصف وجودها في سوريا احتلالاً، وثانياً بتأكيده التنسيق مع النظام السوري واستمرار زيارات المسؤولين اللبنانيين إلى سوريا، كلها تؤشر إلى أن المرحلة المقبلة ستكون شديدة التعقيد، خاصة أن هناك أطرافاً ستسعى عند كل محطّة ومفصل، لتأكيد السعي إلى عودة النظام السوري إلى لبنان، أو التأثير في مجريات الأحداث فيه.

مواقف بو صعب، لم تخرج مواقف رسمية توافقها أو تعارضها، وهذا من شأنه أن يحرج الدولة اللبنانية، ويضرب منطق النأي بالنفس، لكن غاية الكلام من قبل مطلقه تبدو معروفة، وتتعلق بارتباطات ومساعٍ مكثّفة من قبل هذا الفريق لأجل إثبات انتصاره، وتنفيذ كلامه بما لا يتوافق مع وجهة نظر القوى الأخرى. بلا شك أن الكلام الفصل يجب أن يكون للحكومة مجتمعة، ولرئيس الحكومة سعد الحريري، الذي لا بد له من اتخاذ موقف واضح، يتعلّق بالالتزام بالنأي بالنفس.

أما بالنسبة إلى خطوة وزير الدولة لشؤون اللاجئين وموقفه من سوريا بأن الزيارة ليست سرّية وهي زيارة رسمية، فهي أيضاً من شأنها أن تحرج رئيس الحكومة، خاصة أن مصادره سارعت إلى الردّ بأن الوزير لم يذهب إلى الشام بتفويض حكومي رسمي، وبالتالي فإن زيارته عبارة عن زيارة شخصية. لكن هذا الكلام لا يبدو كافياً، خاصة أن عدم اتخاذ موقف واضح وصارم، يعني أن هناك غضّ نظر ضمنياً عن هذه الزيارات، التي ستتكرر بالتأكيد إذا ما جرى التساهل مجدداً مع مبدأ خرق النأي بالنفس.

الأكيد أن جلسة الحكومة الأولى يوم الخميس المقبل، لن تمرّ بسلاسة إذ أن بعض الوزراء سيعترضون على موقف الوزيرين، وسيلجأون إلى تأكيد الالتزام بمبدأ النأي بالنفس، ولكن، هل هذا الموقف سيكون ملزماً لحلفاء النظام السوري، الذين سينتهزون أي فرصة لأجل طلب الاستعانة بالنظام على قوى داخلية أخرى؟ أم أنه سيتم التغاضي عن ذلك، وتمييع القضية، تحت شعار أن الزيارات شخصية، لكنها عملياً هي ليست كذلك، وترتبط ببحث الوزراء الزوار ملفات تتعلق بعمل وزاراتهم. ما يجري هو عبارة عن التعامي عن الحقيقة، والمناورة على الذات. وتكريس هذا المنطق في العلاقة مع النظام السوري، بالتأكيد لن يكون هناك إمكانية لتغييره في ملفات أخرى، ما يعني أن منطق التورية والتعمية والالتفاف على الوقائع والحقائق، سيكون سيّد أعمال الحكومة، والآلية الوحيدة على حلبة مجلس الوزراء لمجانبة المواجهة الصريحة.