Advertise here

الحنين للاستعمار!

09 آب 2020 08:21:00 - آخر تحديث: 06 أيلول 2020 22:31:44

هؤلاء الأشقاء- فى لبنان- هل يهتفون من قلوبهم: يحيا الاستعمار بعد كل الذى عانوه منذ الاستقلال عن فرنسا عام 1945؟.. إذ ما عانوه على يد الحكم الوطنى كثير ورهيب.. ومازالت أمام عيونهم مشكلة كميل شمعون الذى كان رئيسًا للبنان منذ عام 1952 وعندما حاول تمديد مدة رئاسته عام 1958 اشتعل لبنان وسقط الضحايا وخسر لبنان الكثير.. ثم تلك الحرب الأهلية التى دامت حوالى 20 عاماً منذ 1975 إلى 1995 تقريباً وفيها تم تدمير لبنان الجميل.. ثم ها هو الفساد وانفجار مخزن نترات الأمونيوم فى ميناء بيروت يدمر نصف جمال مدينة عربية، وسوف ينعكس هذا الحادث على كل لبنان، أو ما بقى من لبنان.. فهل ما حدث على يد الحكم «الوطنى» من كوارث جعل اللبنانيين يكفرون بالاستقلال ويطالبون بعودة حكم الانتداب الفرنسى على لبنان الشقيق؟.

والحقيقة أن الرئيس الفرنسى ماكرون ما إن وصل إلى بيروت حتى قدم له 40 ألف لبنانى عريضة وجدها فى انتظاره تطالبه بإعادة لبنان تحت الحكم الفرنسى، أى الانتداب.. فهل ما حدث للبنان جعلهم «يكفرون» بالوطنية وبالاستقلال.. وكفى ما حدث لهم تحت الحكم الوطنى؟.

وبالمناسبة كان لبنان فى مقدمة الدول العربية المؤسسة لجامعة الدول العربية منذ بروتوكول الإسكندرية الموقع أيام النحاس باشا.

هنا أستعيد- بكل أسف- هتافاً انطلق من بعض المظاهرات الشعبية خلال ثورة 19 يهتف ويقول: الاحتلال على يد سعد.. ولا الاستقلال على يد عدلى.. أى أن سعد زغلول لو أصبح رئيساً لحكومة مصر ولو تحت الاحتلال البريطانى أفضل لهم من أن يأتى الاستقلال على يد عدلى باشا يكن.. ذلك أن الأمة انقسمت يومها بين فريقين الأول يؤيد سعد زغلول.. والثانى يدعم عدلى يكن منافسه على السلطة.. ورغم أن الشعب كان يغلى ويطالب بطرد الاحتلال وبالاستقلال التام.. إلا أن هناك من كره عدلى يكن، رغم دوره الوطنى.. ولكن هكذا تصل الأمور بالشعوب فى لحظة اليأس أو الفشل.. وهنا لن أردد ما تقوله بعض الشعوب التى نالت استقلالها ونجحت فى طرد المحتلين.. إلا أن ما عانته وهى تحت الحكم الوطنى من نهب للثروات إلى الحكم غير الديمقراطى جعلها تكفر بالديمقراطية.. وتحنّ لأيام الاحتلال.

ولكن الشعب اللبنانى- أكيد- يعلم أن الوجود الاستعمارى الفرنسى- مثلاً- للبنان هو الذى زرع ودعم وشجع على حكم الطوائف، ونسى الشعب أن الطوائف هم الذين أضاعوا الأندلس، إذ نسى اللبنانيون أن هذا الاحتلال هو الذى دعم النظام الطائفى من مسلمين سنّة وشيعة، وموارنة، ودروز وشركس، وما يعرف لبنانياً بنظام «التحصيص» «وليس التخصيص»، فرئيس الجمهورية مسيحى مارونى ورئيس الحكومة مسلم سنّى ورئيس البرلمان مسلم شيعى، فضلاً عن تأثير جماعات الدروز وغيرهم.. وأخيراً حزب الله.

 ولا تنسوا أن لبنان كان- فى فترة ما- هو أفضل نافذة للحريات والديمقراطية.. ولكن صراع هذه القوى وسعيها إلى السلطة هو الذى يدمر لبنان.. العزيز، وكما ماتت مقولة الاحتلال على يد سعد.. ولا الاستقلال على يد عدلى.. سوف يموت هذا الحنين إلى الاستعمار.. وعصر الانتداب.