بعدما كشف عضو كتلة اللقاء الديمقراطي النائب وائل ابو فاعور مستندات قضائية تظهر "الإهمال الوظيفي" الحاصل في ملف انفجار المرفأ، وتورّط كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة كما القضاء لعلمهم بوجود المواد المتفجرة، في حين بدأت محاولات أهل الحكم لإخفاء الملفات بهدف حماية المتورطين، ما هي المخالفات القانونية في تخزين المواد المتفجّرة استنادا الى المستندات التي كشفها أبو فاعور؟
قبل الولوج الى الشق القانوني، فلا بد من التشديد على بديهية اساسية وهي عدم تخزين مواد شديدة الإنفجار في أماكن سكنية ومكتظّة، أو في مرافق عامّة، ومن هذه النقطة يمكن الإنطلاق في المخالفات المرتكبة للوصول إلى من يتحمل المسؤولية في ما حدث.
في إتصال له مع جريدة "الأنباء" الإلكترونية، يكشف الباحث القانوني المحامي سليمان مالك "إمكانية تفادي كل ما حصل من الأساس، إذ أن المواد المخزّنة خطيرة وكمياتها ليست بالقليلة، ووجودها معروف من قبل الأجهزة الأمنية ومديرية الجمارك، وفي هذا الحال، يمنح القانون صلاحية للجمارك في التخلص منها عبر طرق مختلفة دون العودة إلى القضاء، منها بيعها، تصديرها، تخزينها في أماكن بعيدة أو تلفها، إلّا أن المخالفة الفاضحة المرتكبة هي في حق المرسوم رقم 4461/2000 من قانون الجمارك، الذي يمنع تخزين مواد متفجّرة في حرم المرفق، مما يعد عملا جرميا، خصوصا أنه أدى إلى أذى مادي ومعنوي على المواطنين والمرافق العامة، مما يحتّم التوجّه نحو قانون العقوبات، ومعاقبة كل شخص معني. وفي هذا السياق، تقع المسؤولية المباشرة على إدارة المرفأ من جهة، والإدارة الجمركية من جهة أخرى، وكل شخص معني في هذا الملف من قضاة ووزراء وموظفين".
ويشير مالك إلى ان "صلاحية مجلس الوزراء والنيابة العامة في هذا السياق إتخاذ إجراءات إستنسابية، نظرا لخطورة المواد، للتخلص منها في السبل التي ذكرناها سابقا، لعدم تعريض حياة الناس للخطر، إلّا أن الجريمة الأكبر المرتكبة في حق المواطن عدا عن الإحتفاظ بالكمّيات، عدم أخذ الحكومة، والإدارات المختصّة بأي من معايير السلامة عند التخزين، معرضين أمن منطقة بأملكها للخطر الذي شهدناه يوم الحادثة".
وعن المسؤولية المباشرة التي تقع على رئيس مجلس الوزراء، يلفت مالك إلى "وجوب تحذير الرئيس من خطورة المواد والقيام بالإجراء الإستنسابي المذكور سابقا"، وهذا ما لم يفعله دياب، خصوصا مع ذكر النائب ابو فاعور علم دياب بالأمر، ومراسلته وزيرة العدل ووزير الأشغال والنقل برسالة "أقل من عادية" دون التحرّك والقيام بأي إجراء لتفادي الخطر، فلم يحركوا ساكنا، حسب ابو فاعور، ما يحمّلهم مسؤولية مباشرة بما حصل كغيرهم، ويدينهم.
وفي مخالفة قانونية أخرى، يشير مالك إلى "منع تخزين مواد شديدة الإنفجار بمحاذاة مواد قابلة للإنفجار"، وهو ما حصل في المرفأ إثر إنفجار صاعق معين، قيل أنه المفرقعات.
إلّا أن مالك فضّل إنتظار التحقيقات لتحديد المسؤوليات، لكنه أكّد أن "كل من كان على علم يتحمّل مسؤولية معيّنة، في ظل إعطاء القانون صلاحيات إستنسابية للتعامل مع المواد شديد الإنفجار"، وفي هذا الإطار، نعود إلى كلام رئيس الجمهورية ميشال عون الذي ذكره في دردشة مع الصحافيين عن معرفته بوجود هذه المواد ولكن عدم علمه بمدى خطورتها.
وفي التسلسل القانوني المذكور، فقد إرتكب المعنيون 3 مخالفات قانونية، أولها تخزين المواد المتفجّرة التي تشكل خطرا على حياة المواطنين لأكثر من 6 سنوات في المرفأ، ثانيها تخزين المواد قرب مواد قابلة للإنفجار، وثالثها معرفتهم بوجودها وخطرها وتجاهل التصرف بها بشكل لا يؤذي المواطنين، أو كأضعف الإيمان إعتماد معايير لتخزينها.
إن المواطنين اليوم فقدوا أغلى ما ملكوا، وكذلك لبنان الذي خسر رئته الإقتصادية، فدمار المرفأ الوحيد المجهّز سيكون له تبعات قاسية على الصعيد المعيشي، فليس من المقبول اليوم أن يذهب المئات نتيجة إهمال السلطة وإهتمامها بمقدّراتها ومواقعها، حان وقت المحاسبة وليتحمل كل مسؤوليته، ولتستمع هذه السلطة إلى مطالب الشعب في الركون إلى تحقيق دولي شفاف وعادل، إذ من الواضح ان لا ثقة لدى احد بها.