Advertise here

النضال الحقيقي

30 تموز 2020 10:42:02

النضال الحقيقي، اليوم، يجب ان يكون في رفض المشروع التدميري للبنان وتغيير بنيته الاجتماعية وهويته الفكرية وثقافته وميزات نظام الحريات فيه. وكل الكوارث الأخرى التي نعيشها، قد تُحل تلقائياً بعد التخلص من هذا المشروع، أو على الأقل يصبح من الممكن العمل على إيجاد الحلول لها، كون الأمر مستحيل اليوم في ظل الحصار الذي تفرضه علينا غالبية دول العالم بعدما أصبحنا رهينة هذا المشروع.

هذ النضال، بل والمقاومة، يجب أن تكون ثقافية واجتماعية وفكرية، وهي تتخطى النضال من أجل تحسين الوضع الاقتصادي، إلى معركة وجودية فعلية للحفاظ على لبنان الذي نعرفه بإيجابياته وسلبياته.
نعم ثقافية وجودية، وخيار بين وطنين ومشروعين وثقافتين.

خياران نعم. إلا أن الخيار الآخر لا علاقة له بالذهاب غرباً، ولا بالمشاريع الأميركية الصهيونية الامبريالية، فوحدها العقول المتحجرة التخوينية تؤمن أنه ليس هناك الا خيار الغرب (أميركا-إسرائيل) او الشرق (إيران- نظام الأسد).

فخيارنا الآخر، هو وطننا الذي يُعرف بتعدديته وتميزه وفوضاه ورعونته وعشوائيته وتاريخه وسلبياته وضياعه، خيارنا وطننا كما عرفناه، تائهاً بين ألف هوية ولكنه رافضٌ أن تختزله هوية واحدة، مبعثراً بين مليون ثقافة ولكنه بعيدٌ عن التمسك بثقافة جامدة لا تشبهه ولا تمت للغالبية الساحقة من أهله بصلة. 

خيارنا هو وطننا، بعيداً عن أسطورية وطن النجوم، وبالتأكيد مع "نفضة" شاملة على مستوى النظام والدولة والإقتصاد وغيرها، دون تغيير الجوهر والهوية ودون الإتطرار إلى الإلتحاق بمحورٍ هنا ومعسكرٍ هناك. 

من أجل هذا الخيار وهذا الوطن، ومهما قسى علينا، لا خيار لنا إلا أن نقاوم، إلا أن نصمد في مواجهة أي مشروع لا يربطنا به لا التاريخ ولا الجغرافيا ولا الثقافة ولا الدين ولا النظرة الى الحياة ولا الاولويات والقيم الإنسانية.

في السياسة، أصبحنا وحدنا في هذا العالم، للاسف، ولكن يبقى المطلوب هو الصمود، الصمود... الثقافي الفكري الاجتماعي لأننا لا نملك المقومات لأشكال أخرى من التصدي، وربما لا نملك الرغبة بذلك.

صمود ثقافي في كل تفاصيل اليوميات، تحت شعار ثقافة الحياة، علّه بذلك يكون الإنتظار على ضفة النهر أقل جموداً وأكثر فعالية وأملاً.

 
هذه الصفحة مخصّصة لنشر الآراء والمقالات الواردة إلى جريدة "الأنبـاء".