Advertise here

أزمة مصيرية في القطاع الصناعي... ومطالبة بمزيد من التسهيلات

19 تموز 2020 10:24:00

تاريخيا ارتبطت الصناعات الغذائية في لبنان بعراقة المنتج وجودته،وسط علاقة تكاملية بين مزارع يجني مواسم الحصاد وصناعي يدرك ان قيمة ما ينتجه تتعدى منطق الربح والكسب إلى منظومة رفع شأن الواقع الصناعي اللبناني الذي بات مرتبط بسوق الانتاج المحلي والتصدير الخارجي،بوصفه منتجا يحمل خصوصية لبنانية مرغوبة، عنوانها الارتباط الوثيق بين بلد المنشأ وبلدان الانتشار التي ارتبط بها المغتربون اللبنانيون ممن يعرفون مذاق المطبخ اللبناني وجودته وتركيبته المميزة والفريدة.

وإذ تشهد الصناعة الغذائية في لبنان عموما وفي البقاع بشكل خاص معركة صمودها بوجه التحديات والأزمات التي تعصف بلبنان ،خصوصا في الآونة الأخيرة، نتيجة ما يحصل على مستوى الأزمة الاقتصادية والمالية وارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الانهيار التدريجي لقيمة العملة الوطنية المتمثلة بالليرة اللبنانية، تقف شركة " كونسروة شتورة" للصناعات الغذائية في خطوط الدفاع الأولى إلى جانب غيرها من الشركات الغذائية العريقة للدفاع عن  حضورها واستمرارها كي لا تضيع هوية ما يميز الصناعة اللبنانية في علاقتها بالخارج وتضيع معها أحلام عشرات آلاف العاملين في هذا القطاع الحيوي، والذي يعد ركيزة الاقتصاد اللبناني  بحسب ما عبر عنه مدير عام  كونسروة شتورة ونائب رئيس تجمع الصناعيين في البقاع الصناعي والمهندس "عبد خضر" الذي أكد انه بعد مرور أكثر من سبعة عقود على تأسيس " كونسروة شتورة "  وفي ظل ازمات كبيرة عصفت بالبلاد صمدنا بوجه كبرى التحديات، ولكننا اليوم نواجه أزمة مصيرية من نوع مختلف، احوج ما نكون فيها إلى تحصين الصناعة  ودعمها واحتضانها كي تملك مقومات صمودها واستمرارها وجودتها في آن.
ولفت خضر إلى أن المحنة التي يمر بها لبنان اليوم نتيجة تدهور الوضع المالي والمعيشي والاقتصادي ، يضاف الى ذلك انتشار جائحة " كورونا" كلها عوامل انعكست سلبا على الصناعة ومنها الصناعة الغذائية التحويلية التي تربط بين المنتجات الزراعية  ومصانعنا من جهة واستيراد المواد الأولية للصناعات الغذائية بشكل اساسي من دول خارجية كون الانتاج المحلي لا يلبي الا الجزء البسيط من حاجات المصانع الغذائية في لبنان.

وازاء ارتفاع سعر صرف الدولار وعدم قدرة الصناعيين على الاستيراد بالعملة الصعبة دعا خضر الحكومة ومصرف لبنان الى تقديم المزيد من التسهيلات المالية عبر تسليم ما يحتاجه الصناعيون من سيولة بالعملة الصعبة بسعر مخفض وفك القيود عن ودائع الصناعيين اضافة الى اعفاءات ضريبية من TVA وغيرها من القيود التي  تقف حائلا دون تطور الصناعة، معتبرا ان دعم الصناعة يزيد الانتاجية ، وهذا يحتاج الى شجاعة استثنائية في اتخاذ قرارات من شأنها تعزيز الانتاجية.

ومن بين هذه القرارات لفت خضر الى ان رفع الطاقة الانتاجية للمعامل تماشيا مع زيادة حجم الطلب على المنتوجات اللبنانية داخليا وخارجيا، يزيد من حجم الصادرات وبالتالي ادخال العملة الصعبة الى لبنان الأمر الذي يعزز الواقع الصناعي، ويزيد فرص العمل ويخفف من نسبة تسريح العمال لامكانية المعامل  على العمل لاكثر من دوام واحد وهذا يعزز القدرة الشرائية لشريحة واسعة من العمال وعائلاتهم.

وأكد ان دعم الصناعة لا يكون فقط بدعم السلع الاستهلاكية على اهمية هذا الامر، بل ان الدعم يجب ان يطال المواد الاولية في الصناعة المحلية وتلك التي نستوردها  لعدم توفرها في لبنان، وهذا من شأنه تخفيض سعر السلع الاستهلاكية بشكل تلقائي  لأننا نحتاج الى آلية  دعم واضحة ومباشرة .

واشار خضر إلى الأعباء التي تتراكم على الصناعيين جراء ارتفاع سعر صرف الدولار لجهة استيراد مواد التغليف والتعبئة اضافة إلى ازمة المحروقات التي باتت تشكل تهديدا فعليا لاستمرارية العمل بسبب عدم توفر الكميات التي تغطي حاجة السوق المحلية، داعيا الى اغلاق معابر التهريب ووقف كل اشكاله، وتنظيم العبور الشرعي وفق حاجة لبنان ومصلحته العليا بناء للعرض والطلب.

خضر اعتبر ان ثقتنا كبيرة بنهوض لبنان وخلاصه لأنه يملك مقومات اقتصادية ومكونات بشرية تجعله قادرا على تجاوز أزماته، شرط توفر مناخات سياسية ملائمة ووضع حد لهذه الانقسامات والصراعات ومحاولات ربط لبنان بالصراعات الاقليمية وجعل الساحة الداخلية مسرحا لتلك الخلافات والتوترات التي يجب ان نكون بمنأى عنها.

واعتبر خضر ان تنشسط القطاع السياحي وعودة اعداد كبيرة من المغتربين بعد ان تم فتح المطار يحرك الدورة الاقتصادية وينشط الصناعة ايضا ومن شأن ذلك ضخ عملة صعبة  في الاسواق وبين ايدي التجار والمحلات والمطاعم والمؤسسات، لكن تنشيط القطاع يجب ان يترافق اولا باجراءات الحماية واتخاذ كافة الاجراءات الوقائية لعدم انتشار جائحة كورونا،  في كافة الاماكن العامة والخاصة لا سيمافي المطار وللوافدين من الخارج، وواجب الوزارات المعنية مراقبة الاسعار لعدم استغلال السواح  والوافدين الامر الذي يشجع على تحقيق التنمية ولو مؤقتا، لأن المطلوب في الاساس اصلاحات جذرية في طبيعة الاقتصاد وفي كثير من القطاعات لضبط الاوضاع والحد من الهدر والفساد  ووقف التهريب والتهرب الجمركي ووضع حد للتسيب الحاصل في عدد من قطاعات الشأن العام.

واشار خضر الى ان الازمة الحالية ان على المستوى الاقتصادي والمالي او على مستوى اغلاق البلاد جراء تفشي وباء كورونا، وضعنا امام واقع جديد يجب ان تتعاطى معه الدولة بمسؤولية وطنية  وان تعيد الاعتبار والاولوية للقطاعات الانتاجية في مجالي الصناعة والزراعة  وما يرتبط بهما لانهما المصدر الاساسي لنمو الاقتصاد وتحقيق التوازن المطلوب بين الواردات والصادرات وادخال العملة الصعبة وتحقيق الانماء وفرص العمل وهذا يحتاج الى دعم القطاعين ووضع خطة ننهوض وطنية واعادة النظر بكثير من الاتفاقات المبرمة مع كثير من الدول الصديقة من اجل حماية قطاعي الصناعة والزراعة.
وإذ عول على الجاليات اللبنانية المنتشرة في دول الاغتراب لجهة بيع المنتجات اللبنانية وتوفير السيولة على الرغم من الزمة الحالية، اعتبر خضر ان ما تكتنزه الصناعات الغذائية اللبنانية من جودة ومذاق طيب ونوعية مميزة اضافة الى خطة تسويق معقولة يساهم كل ذلك في ترويج صناعتنا وهذا يحتاج ايضا الى تعاون وثيق بين معظم مؤسسات الدولة ووسائل اعلامها  وتنسيق بين الوزارات المعنية.

وأوضح خضر ان كونسروة شتورة فتحت خطوط انتاج جديدة وحصدت العديد من الالقاب وشهادات الجودة العالمية لاننا نسعى دائما الى تطوير المنتجات وتحديث وسائل الانتاج والاطلاع الدائم على ما يحصل عالميا وبالتالي مواكبة التطورات والتاقلم معها كي نبقى في مقدمات الشركات الوطنية والعالمية المنتجة، رغم المنافسة العالمية .