Advertise here

لهذه الأسباب آداء وزير الطاقة يغطّي التهريب

17 تموز 2020 15:53:00 - آخر تحديث: 20 تموز 2020 15:55:33

بتاريخ 14/7/2020 أطلق وزير الطاقة ريمون غجر تصريحه المثير للجدل وتساءل فيه عن كميات المازوت التي "تتبخر" بالتخزين والتهريب. تصريحٌ بمثابة سابقة نادرة وخطيرة يطلقه مسؤول في حكومة تعترف بعجزها اليومي عن القيام بأدنى واجباتها في حماية الوطن وماليته والمواطنين وأمنهم الاجتماعي من آفة التهريب.

ما كان مفاجئاً هو مصدر التصريح الذي أطلق الشكوى في الوقت الذي ينتظر منه لبنان واللبنانيون المعالجة. أما المعلومة بحد ذاتها فلم ترفدنا بأي جديد، إذ يعلم القاصي والداني من المقيمين على مساحة الوطن أن أرتال الصهاريج المصطفة أمام المصافي الحكومية تتجه مباشرة نحو الحدود بعد ملء حمولتها، كما يدرك جميع اللبنانيين من خلال معاناتهم التي يختبرونها يومياً أن بالحصول على المازوت بالقطارة من قلة قليلة من المحطات، فهو يقنن بكميات لا تزيد عن بعض الليترات القليلة كما حال ساعات تغذيتنا الكهربائية...

أخطر ما في الأمر، أنَّ تصريح الاعتراف بالعجز، بما حمل ظاهرياً من شفافية وجرأة لم يكن إلا لتبرير وإخراج "حلين" اعتاد اللبنانيون عليهما، فبعد افتعال الأزمة وانفلاتها لتبلغ ذروة تفاقمها، تتجلى ابتكارات "الطاقة وكل الطاقات" بحلولٍ على غرار استجرار الطاقة العائمة "المؤقتة" التي تطفئ اليوم شمعتها التاسعة...

ها هو اليوم وزير النهج السادس، يتحف اللبنانيين بحلّه "السحري" منعاً لتهريب ثروة من الثروات التي يدفع ثمنها من احتياطي أموالهم المحجوزة، بعد أن كان شاهداً "بالصدفة" على استيراد كميات تتخطى بأضعاف استهلاك السوق اللبناني... فقد أخرج الوزير "أرنبه" الأول فيرفع سعر صفيحة المازوت من 8700 ليرة (كما حددها جدول تركيب الأسعار بتاريخ 21 أيار 2020) إلى 16300 ليرة (المحددة بجدول تركيب الأسعار بتاريخ 15 تموز 2020) أي بزيادة بلغت 88% خلال فترة شهر و24 يوماً، علماً أن أسعار النفط العالمية مستقرة ولم ترتفع منذ تسعيرة الـ8700 ليرة !!!  (مرفق جدول ارتفاع الأسعار)

 
اذاً، المطلوب لتغطية فشل وعجز الحكومة عن القيام بأدنى واجباتها لوقف التهريب، هو تحميل كامل الشعب اللبناني عبئاً ثقيلاً يضاف الى ما يعانيه من ويلات بفعل مزيج الأزمات الخانقة التي يرزح تحت ثقلها، كل ذلك بحجة أن ارتفاع السعر يحد من عمليات التهريب!!! لن تقف الأمور عند هذا الحد، فسعر صفيحة المازوت في سوريا يوازي 22 ألف ليرة لبنانية، ما يؤشر حكماً ان سعر صفيحتنا مرشح لزيادة مطردة قد تصل الى حدود الـ25 الف ليرة اعتماداً على معادلة الحكومة "السحرية"...

انطلاقاً مما سبق، إن كانت الأسعار المنخغضة نسبيًا هي المبرر أمام التهريب ووقوف السلطة موقف المتفرج، فذلك يبشر بأن سلة الدعم المطروحة من قبل وزارة الاقتصاد (والتي تشوبها ثغرات عديدة) سوف تكون حكماً مرشحة للتهريب بأكملها.

أما "أرنب" الوزير الثاني، والذي لا تقل آثاره خطورة عن الأول، فيكمن في آلية الشراء المبهمة من خلال ما سمي بالـSpot Cargo.

وهنا لا بد من طرح التساؤلات التالية على أمل أن يرفدنا معالي الوزير بإجابات واضحة تشفي عطش الشفافية لدى اللبنانيين:

ماذا كان رد هيئة التشريع والاستشارات على كتاب وزير الطاقة والمياه الذي يطلب فيه إبداء الرأي في استكمال العقود الموقعة مع الشركة او الشركات الملاحقة قانونياً؟

 هل تتم تلك الآلية تحت اشراف أي من الهيئات الرقابية؟

كم تبلغ كلفة المحروقات المستوردة من خلال تلك الآلية مقارنة بكلفة استيرادها من خلال مناقصات قائمة على اساس كميات محددة وفق جدول زمني؟

هل تشترك الشركات العالمية في توريد المحروقات من خلال آلية الSpot Cargo أم أنَّ الأمر محصور فقط ببعض الشركات المحلية؟

أخيراً وليس آخراً، نتمنى على معالي الوزير وحرصاً منه على مساره الشفاف في مسيرته الطاقوية كشف أسماء الشركات العاملة في اطار آلية الSpot Cargo المبتكرة.

* عضو مجلس القيادة في الحزب التقدمي الإشتراكي 

* مدير المركز التقدمي للدراسات الاقتصادية والاجتماعية