أمام كل هذه الآلام التي يعيشها وطني الحبيب لبنان - من انقطاعٍ دائم للتيار الكهربائي، والذي يوجب على كل مسؤول التوقف عن أخذ راتبه من الدولة مهما كان بسبب فشله في إيجاد الحلول، وتفشي وباء الكورونا، ونسبة البطالة المرتفعة يوماً بعد يوم، ووضعِ المصارف، وارتفاع سعرالدولار، والغلاء الفاحش للسلع التي تؤمّن أبسط مقومات الصمود - برزت فسحة أمل جديدة أمامي برؤية شباب لبنان المصّر على إعادة بناء وطن مهما بلغت الصعوبات.
ذهبتُ الأحد لكي أمشىي قرب الكورنيش البحري، في منطقة الريفييرا، (فندق 5 نجوم). وعند وصولي وبعد رؤية ذلك الكم من النفايات على امتداد الشاطىء حاولتُ عدة مرات الاتصال برئيس بلدية بيروت لأطلب منه أن يرى الأمور بعينه، لكن دون جدوى. وفجأة توقفت سيارة ونزل منها شبّان وشابّات "الحركة البيئية الخضراء" يحملون أكياساً للنفايات، وقفازات، وقناني مياه للشرب، في حملةٍ لتنظيف المنطقة. وشعرت للحظة وكأن الرب كان حاضراً ليقول لنا: "هيدا لبنان، وهيدي بيروت. بيروت ست الدنيا. هيدي كرامة كل لبناني، وكرامة كل إنسان يعيش في هذا الوطن أن يحافظ على نظافته وجماله".
قامت "الحركة البيئية الخضراء" بحملة تنظيف وتوعية للحفاظ على الشاطىء وسمعة لبنان – طبعاً وأكيد مشاركتي بسعادة معهم هي واجب وطني، وكذلك انضّم إلينا العديد من المهندسين من دول عربية يعملون في لبنان، والمثقفين والصغار الذين شعروا بفرح المشاركة.
مجدّداً وبعد تكرار المطالبة لسنوات عديدة، وضعت بلدية بيروت بالتعاون مع شركة «رامكو» السنة الماضية مستوعبات للنفايات من البلاستيك قرب الشاطىء حيث يسبح الناس، ثم تمّت إزالتها في تشرين الأول 2020 على أساس إنتهاء الموسم حسب ما قالوا لنا، وحتى اليوم لم تتم إعادة وضعها. وعليه طالبت شركة «رامكو» البارحة وأطالب البلدية في رسالتي هذه باتخاذ الإجراءات الفورية وبأسرع وقت:
1- إعادة وضع المستوعبات.
2- وضع لافتات بسيطة، وغير مكلفة، على امتداد الكورنيش، أسوةً بما تفعله كل دول العالم، والتي تطالب الناس باحترام الطبيعة، والحفاظ على النظافة، ولافتاتٍ تمنع رمي النفايات، وتطالب الناس بأخذ مخلفات نفاياتهم إلى الكورنيش حيث المستوعبات، كون شركة "رامكو" لا يوجد في عقدها تنظيف للشاطىء، وكذلك شرح الآثار السلبية للنفايات والبلاستيك على ثروتنا السمكية التي يجب أن تشكّل حماية لأمننا الغذائي القومي.
3- تفعيل شرطة بلدية بيروت على الأقل 3 مرات بالأسبوع لمدة 3 ساعات يومياً، لنشر الوعي البيئي قرب الشاطىء، وفي كافة شوارع العاصمة، ومنع رمي النفايات إلاّ في الأماكن المخصّصة لهذا الغرض.
4- طبع منشورات توزع على كافة الأبنية، تماماً كالمنشورات التي توزّع عند استحقاق دفع الرسم البلدي، والتي تطالب الناس بالوعي البيئي، وشرح القوانين، وأهمية الحفاظ على النظافة وجمال المدينة.
هذه هي أبسط الحلول الموجودة في كل دول العالم، والتي تحتّم على رئيس البلدية، وأعضاء المجلس البلدي الحفاظ على كرامة العاصمة وأهلها.
عندما يُسمح للناس بتمضية النهار قرب الشاطىء، فمن أبسط الأمور أن يتم بناء حمام للعموم لهم من أجل الحفاظ على البيئة.
منذ سنين عديدة وأنا أطالب بكافة الوسائل بنفس الأمور، وأعطي الحلول البسيطة وغير المكلفة، والتي ترفع اسم لبنان عالياً بالسياحة، وتساهم في نقل صورة جميلة عن هذا البلد الصامد.
في النهاية نسأل الله أن يلهم الجميع العمل لخير لبنان، والحفاظ على جماله ومرافقه البيئية والسياحية التي تشكل ثروته الحقيقية.
استنهاض الهمم واجبٌ وطني وأخلاقي، وكل شباب لبنان حاضرٌ للمساعدة مجاناً. فهل من يسمع ؟؟؟