Advertise here

400 ألف عامل أجنبي في لبنان أمام ثلاثة أزمات.. صندوق الدعم باكورة اقتراحات الحلول

14 تموز 2020 20:05:28

هربوا من قساوة الحياة ومرارتها في بلادهم بحثًا عن لقمة العيش الكريم في الإغتراب، فكان بإنتظارهم الإجحاف واللاإنسانية والحصار. هي حكاية عمّال أجانب قدموا إلى لبنان من أجل العمل، وساهموا على مدى سنوات في زيادة إنتاجية عدد من القطاعات، وبالتالي رفع قيمة أرباح أرباب عملهم، لتكن مكافأتهم اليوم واقعاً معلّقاً على جدران سفارات بلادهم، وحيث افترشوا الأرصفة بعدما تُركوا لمصيرهم.

تأثّر العمال الأجانب بأزمة الدولار كسائر اللبنانيين، فهم أساس راتبهم بالعملة الأجنبية ليتمكنوا من إرساله إلى ذويهم، إلّا أن الضربة القاسية كانت مع إنتشار فيروس كورونا، حيث لم يتمكن الا العدد القليل منهم من مغادرة لبنان قبيل إقفال البلد وإغلاق المطار، ثم إستفحلت الأزمة الاقتصادية بعد كورونا وتردت الأوضاع أكثر، وهو ما أسفر عن أزمة إضافية، وبعضهم بات في الطرقات وإلى جانب مباني السفارات، دون دفع رواتبهم، أو حتى تسليمهم أوراقهم الثبوتية، في صورة تجسّد إنعدام حس الإنسانية.

ثم جاءت حصيلة المصابين بكورونا الكبيرة جدا من بين العمال الأجانب في واحدة من كبرى الشركات المستقدمة لهم، لتدق جرس الإنذار حول مصير هؤلاء وضرورة ايجاد حلّ لقضيتهم، وبرزت مبادرة رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط الذي اقترح إنشاء صندوق خاص يمولّه أرباب العمل أو اي جهة أخرى لدعم عودة العمال الأجانب إلى بلادهم بدل تركهم فريسة المرض والذل في الشوارع أو السجون، لضمان لهم الحق الأدنى من حقوق الإنسانية.

"الأنباء" تابعت قضية هؤلاء العمّال الذين يشكّلون جزءا من الإقتصاد اللبناني، والذين يفوق عددهم الـ400 ألف، بينهم 120 ألف يعملون بشكل غير شرعي، كما أفاد الباحث في "الدولية للمعلومات" محمد شمس الدين في اتصال مع "الأنباء"، ويتوزع العمّال على جنسيات عدّة، منها المصرية (حوالى 20000 عامل شرعي و20000 غير شرعي)، السودانية (حوالى 8000 عامل شرعي و8000 عامل غير شرعي)، الأثيوبية (60,000 الف) والبنغلادشية (30,000) بالإضافة الى الفيلبينية، السيرلانكية، الهندية وغيرها من الجنسيات، مع الاشارة الى ان اثيوبيا هي الدولة الوحيدة التي نظمت أكثر من رحلة لإعادة بعض العمال الذين رغبوا بالعودة من بيروت.

وتعليقاً على مبادرة جنبلاط، رحب رئيس الإتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان كاسترو عبدالله في حديث مع جريدة "الأنباء" بفكرة انشاء الصندوق، مشددا على "ضرورة التعاطي مع هذا الموضوع بإنسانية وبسرعة، بعيدا عن أي عنصرية، بحكم أن هؤلاء العمال هم أناس ذو كرامة بشرية، وجزء من الطبقة العاملة التي تستحق النضال اليوم، لحفظ حقوقهم".

وعن تمويل الصندوق، رأى عبدالله أن "المسار الأفضل للتمويل يمر حكما عن طريق أرباب العمل، عبر إلزامهم بضريبة معينة في العقود الموقعة عند التعاقد مع هؤلاء العمّال، كما أنه من الممكن أن تقتطع الدولة من ضرائب أرباح المشغّلين أو ما شابه لضمان حقوق العمال، وتأمين التقديمات الإجتماعية لهم والعيش بكرامة".

ويشير عبدالله إلى أن "عدد العمال الذين صرفوا من عملهم وتم رميهم في الطرقات يتجاوز الـ2000، وبدورنا كإتحاد، تقدمنا بشكاوى في وزارة العمل بعد لمس مماطلة من قبل الأخيرة".

في السياق، وفي إتصال له مع "الأنباء"، وصف نقيب أصحاب مكاتب استقدام العاملات في لبنان علي الأمين الممارسات تجاه العمّال الأجانب باللاإنسانية، مشيرا إلى أن "عدد هذه التجاوزات لا يتعدّى الـ35 حالة، وهي لا تعدّ ظاهرة، لكن على الرغم من ذلك يجب معالجة الموضوع فورا".

وعن مشروع إنشاء الصندوق المذكور، فقد دعم الأمين "الفكرة وأي طرحٍ من شأنه تأمين حماية العاملات، لغياب أي حل اليوم"، إلّا انه طالب بالسرعة لتفادي تعاظم الأزمة، وشدد على "وجوب وضع ضوابط وآلية محكمة بحال إنشاء الصندوق، لكي لا يتحلل أرباب العمل من إلتزاماتهم الأساسية تجاه العمّال الأجانب".

وتؤكد مصادر عمالية انه من الضروري ان تتبع خطوة انشاء صندوق الدعم، إجراءات جذرية، كإلغاء نظام الكفالة الذي حولهم إلى رق وعبيد، وإستحداث قانون جديد لتنظيم عملهم يشكّل ضمانة مستدامة على المدى الطويل.