تشهد بورصة سعر صرف الدولار أمام الليرة عدم استقرار منذ أيام، ذلك بعد موجة انخفاض استمرت حتى مطلع الأسبوع وقبل أن يعود الدولار للارتفاع مجدداً. لكن رغم انخفاض الدولار فما زالت أسعار كثير من السلع عند نفس مستوياتها في الأسواق، الأمر الذي لا يزال يطرح العديد من التساؤلات عن سبب هذا الانخفاض الذي حصل، واذا ما كان سيعاود الانخفاض، ومدى تأثيره على الأسعار.
الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة لفت في حديث إلى جريدة "الأنباء" الإلكترونية إلى أن "كثراً شكّكوا بالإجراءات التي اتخذتها حاكمية مصرف لبنان، لكن من الواضح أن الإجراءات بدأت تعطي ثمارها، خاصة بعد مواكبة الأجهزة الأمنية للأجهزة الرقابية، وحيث تمّت العديد من الاعتقالات بحق المخالفين من الصيارفة غير الشرعيين، في حين أن الصيارفة المصنّفين ضمن فئات ملتزمون بقرار الحاكم"، على حد قول عجاقة.
وأشار إلى أن "التجار، وبالرغم من هبوط الدولار في السوق السوداء، لا زالوا مستمرين بالبيع وفق السعر المرتفع بحججٍ واهية، كاعتبار أنهم اشتروا بضاعتهم بسعر مرتفع، أو عدم إمكانية شراء بضاعة في حال نفدت بضاعتهم بالسعر المتداول، وأعطوا لأنفسهم الحق بالتسعير من دون حسيبٍ أو رقيب، وهم في الواقع مخالفون للقانون، وذلك بموجب المرسوم الاشتراعي 83/73"، معتبراً أن "مخالفة المرسوم تؤدي إلى السجن بحق المخالف".
وتمنى عجاقة على الأجهزة الأمنية "ملاحقة التجار المخالفين، لأن هناك غطاء سياسي للتجار، وهذا الغطاء يجعلهم يتصرفون كما يريدون، وأن فلتان الأسعار يتضرّر منه المواطنون الذين يذهبون ضحية هذا الفلتان بالأسعار".
وأكّد عجاقة أنه "لا يمكن التوقّع ما إذا كان الدولار سوف يرتفع أو ينخفض في الأيام القادمة، لأنه لا يمكن التنبؤ بسعر العملات والأسهم. لكن ما هو واضح هو أن قيمة الدولار المتداول اليوم غير قيمته الحقيقية، لأن السوق السوداء بمثابة دكانة، حيث أنه كلما زاد الطلب يعمد كل تجار لبنان إلى رفع الأسعار. وعملياً لا يوجد تبديل عملات من الدولار إلى اللبناني، وما يحصل هو تبديل وهمي لعمليات تبديل صغيرة تنعكس بسرعة على أسعار السلع والمواد الغذائية، وهذا ما يجب محاربته. وإذا أرادت الحكومة التحرّك فعليها ضبط الوضع، ومراقبة التجار، ومنع احتكارهم للبضائع، وبيعها بأسعار خيالية".
واعتبر عجاقة أن "أساس المجتمعات الإنسان، وعندما تصبح السياسات الاقتصادية خارجة عن الإنسان تكون السياسات فاشلة، فالمواطن يجب أن يكون هو الأساس. وما جرى في السنوات الماضية من تثبيت لسعر صرف الليرة من قِبل حاكم مصرف لبنان أثبت أنه أفضل خيار، والدليل اليوم هو أن الحكومة تطلب من الحاكم ضخّ دولارات حتى تستطيع أن تثبت سعر صرف الليرة. ومَن دافع عن تحرير سعر صرف الليرة فلينظر ما حصل اليوم في السوق. فاليوم الأمن الاجتماعي للمواطن هو الأساس، وباعتقادي الشخصي أن الحاكم لم يتوقف يوماً عن ضخّ الدولارات في السوق، والفارق اليوم هو أن الحاكم يضخ الدولارات للمؤسّسات وليس للأشخاص من أجل حفظ الأمن الغذائي للمواطن".
وشدّد عجاقة على "ضرورة تطبيق القوانين من قِبل الحكومة مثل قانون حماية المستهلك، والمرسوم الاشتراعي 83/73"، داعياً الحكومة إلى "وضع الأجهزة الأمنية بأمرة الأجهزة الرقابية، ونزع الحماية السياسية عن التجار. فالقرار سياسي، وإذا بقي الأمن الاجتماعي غير ثابت فالحكومة لن تعرف الاستقرار، وكل يوم سنجد الناس في الطرقات لتتظاهر".