Advertise here

الجنبلاطية والتقدمية الاشتراكية... تكامل الاستراتجية والتكتيك

13 تموز 2020 11:07:56 - آخر تحديث: 13 تموز 2020 11:07:57

رُبّ متسائل لماذا تقول الجنبلاطية كعنوان سياسي، ولا تقول التقدمية الاشتراكية، ولما الفصل بينهما؟ وآخر يسأل هل هناك فرق بينهما؟ وذروة التساؤل: كيف ترضى أنت الإنسان التقدمي بالانتماء السياسي الى عائلة إقطاعية، وفق وصفهم؟

إن هذه الاسئلة تعوّدنا عليها وليست بجديدة، لكن لا بد من إيضاح بعض الأمور لمن يتساءل عن حسن نية، وأيضاً للآخرين.

إن العقيدة التقدمية الاشتراكية، بما هي في جوهرها من مدرسة سياسية فكرية اجتماعية اقتصادية شاملة، وبما تحمله في كينونتها من تطور دائم، ظهّرها كمال جنبلاط في ميثاق الحزب التقدمي الاشتراكي وشرحها في عشرات الكتب والمحاضرات، لتتحول معه الجنبلاطية من عائلة سياسية عمرها قرابة الأربعمئة عام، لم تتنكّر لأهلها وناسها طيلة تلك السنين، الى مدرسة فكرية متقدمة جسدها الحزب التقدمي الإشتراكي.

واذا كانت الجنبلاطية كعائلة حملت وحُمّلت أوزار معارك سياسية وعسكرية فقدّمت جميع زعمائها شهداء في معارك داخلية أو خارجية، ولم يكن أحدٌ من قادتها قد غادرها إلا استشهاداً أو اغتيالًا، فإن المدرسة الجنبلاطية التي يمثلها فكر كمال جنبلاط كرّست الإنسان غايتها على الدوام.

وتحت سقف هذه الغاية مارست هذه المدرسة تكتيكها في السياسة اليومية المتغيّرة حسب الظروف المحلية والدولية من موالاة ومعارضة، فيما الاستراتيجية، بما تعنيه من العناوين الاساسية، اختصرها شعار الحزب: مواطن حر وشعب سعيد، وأهداف الحزب وهي حرية اشتراكية عروبة التي وضعها المعلم الشهيد كمال جنبلاط.

هذا الشعار وهذه الأهداف لم تتنكر لها الجنبلاطية يوماً بل كانت دوماً بالمرصاد لمن يحاول ان يسيء الى هذه المسلمات الثابتة، وهي الحرية وحقوق الناس بالعيش الكريم والعلم والعمل والعروبة بأهدافها الجامعة وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

 إنّ جميع المعارك النضالية التي خاضها الحزب وحتى تاريخه كانت القاعدة الجنبلاطية بالتلازم مع الحزب، الرافعة التي حمت الاستراتجية التي وضعها كمال جنبلاط في جعله الإنسان هو الغاية، وكان ذلك في محطات عديدة، كمثل النضال من أجل اقرار قوانين تضمن حقوق الناس في الضمان الاجتماعي وتضمن حقوقهم في التعليم بفتح ثانويات رسمية في المناطق الجبلية يوم كان وزيرا للتربية، وأيضا نضال الحزب من أجل إقرار الكليات التطبيقية في الجامعة اللبنانية، وكذلك قانون من أين لك هذا، والعشرات من القوانين التي تؤكد على استراتيجيته المتبعة.

لم يكن الحزب كمدرسة سياسية تلازمت مع اسم الجنبلاطية، إلا المعبّر الأساسي عن تطلعات الناس. والتاريخ يسجل محطات عديدة في هذا السياق، فكما دفعت هذه العائلة ديّة شهداء أحداث 1860 بالكامل ومع ذلك لا يزال البعض يثير هذه الاحداث المؤلمة، فهي كمدرسة أيضًا دفعت خيرة الشهداء في ثورات متعددة ذوداً عن الحرية ومنع تقسيم الوطن، وتابعت مع وليد جنبلاط في هذا المسار وكانت آخر المعارك العسكرية في حرب الجبل للتصدي لمؤامرة إعادة التقسيم الى الواجهة، وتواصلت المحطات حتى يومنا الحاضر في مواجهة الكورونا، وفي مواجهة الأزمة المعيشية الإقتصادية غير المسبوقة، ضمن الخيار الاستراتيجي نفسه للدفاع عن الشعب اللبناني لصد هذا الواقع المؤلم الذي طال كافة الناس دون تمييز.

هكذا هي مدرسة الحزب التقدمي الإشتراكي، في تسميتها الجنبلاطية والسياسية، وفيها نقول، للقاصي والداني ما قاله المعلم يوما: "التحدي طريقنا، فمن يرضى بذلك فهو منا ومعنا، ومن لا يرضى به فهو ليس منا، وليبتعد عنا، وليتركنا وشأننا... فإننا نسير إلى حيث لا تبلغ قدماه".

*عضو مجلس قيادة الحزب التقدمي الإشتراكي