رأى أستاذ العلوم السياسية بالجامعة اللبنانية، وليد صافي، أن "التوجه للصين والعراق بمثابة هروب إلى الأمام، ولا يعالج المشكلة الرئيسية بلبنان وهي إجراء إصلاحات بنيوية في المالية العامة والاقتصاد، وهي نقطة جوهرية ركز عليها صندوق النقد".
وفي حديثه لـ"عربي21"، اعتبر صافي أن "الفشل كان من نصيب خطة الحكومة"، مستدلا باستقالة مدير عام وزارة المالية آلان بيفاني بعد "اكتشاف لعبة التلاعب بالأرقام، ووجود نوايا تستهدف ضرب النظام الاقتصادي الحر بلبنان، وضرب قطاع المصارف وهو القطاع الأساسي في بنية الاقتصاد اللبناني، وخلال شهر واحد استقال بيفاني ومستشار وزارة المالية هنري شاوول، عضوا فريق التفاوض مع صندوق النقد، بسبب الخلاف على تقدير "حجم الخسائر" في الخطة المقدمة للصندوق".
ويؤكد صافي أن "بالإصلاحات تعود الثقة إلى لبنان وتعود الاستثمارات وتتمكن المؤسسات المالية الدولية من تقديم المساعدات"، ويشدد على أن "الإصلاح الهيكلي هو الحل المستدام للاقتصاد، وهو طريق الحصول على مساعدة صندوق النقد، وليعيد الحديث عن القروض التي تقررت بموجب مؤتمر سيدر عام 2018، والمقدرة بنحو 11 مليار دولار".
وعن أثار توجه لبنان للصين سأل صافي "هل الاستثمارات الصينية جاهزة لتباشر العمل بلبنان بدون دراسة لجدواها، وبدون معرفة كم ستفتح من فرص عمل؟ وكم ستبلغ كلفة القروض التي ستقدمها الصين للبنان؟ هل لبنان يمثل موقعا استراتيجيا بالنسبة للاستثمارات الصينية، وبالنسبة للخطة التي تقودها الصين منذ عدة سنوات المعروفة بطريق الحرير، حتى تستثمر في البنى التحتية اللبنانية".
ومفضلا الاستمرار بمسار مفاوضات صندوق النقد، قال صافي: "كلفة القروض التي تقدمها الصين للعديد من البلدان هي كلفة عالية تتجاوز كلفة الفوائد على القروض من البنك الدولي وصندوق النقد".
في السياق، إعتبر صافي توجه الحكومة للصين "محاولة للضغط على الدول الغربية، كي تتراجع عن بعض الشروط المفروضة على تقديم القروض للبنان"، مشيرا إلى أن "محاولة التوجه للشرق تؤدي لمزيد من الانخراط بلعبة المحاور التي عزلت لبنان عربيا ودوليا"، دون أن يستبعد "وجود تأثيرات للعقوبات الأمريكية على إيران وسوريا على الأزمة بلبنان".
لكن التساؤل بالنسبة لصافي "هل لبنان يشكل موقعا استراتيجيا في العلاقات الدولية كي يلعب على وتر العلاقات مع الصين والعراق مقابل الدول الغربية والولايات المتحدة؟". ليجيب: "لبنان غير قادر على إدارة مثل هذه اللعبة".
ورأى صافي أن "الدول الكبرى لديها إمكانات هائلة في مساعدة أو منع مساعدة الاقتصاد اللبناني. هذه لعبة سياسية متهورة بلا أي نتيجة، في وقت يحتاج لبنان كل عام لأكثر من 5 مليارات دولار كي يتمكن على مدى أربع إلى خمس سنوات من إعادة الدورة الاقتصادية إلى حياتها الطبيعية، والسيطرة على العجز في المالية العامة ومواجهة أزمة السيولة بالدولار، حسب ما قاله الأكاديمي اللبناني".
واعتبر "لجوء الحكومة اللبنانية للتبادل التجاري مع العراق سواء مقابل السلع الغذائية أو الدفع وفق آجال تريحها "اعترافا ضمنيا من الحكومة أن لبنان مقبل على وضع كارثي يشبه المجاعة، وعدم قدرة الدولة على تأمين الحاجات الأساسية التي تتعلق بالنفط والمواد الأساسية والأدوية".
وينفي صافي أن يكون تعثر لبنان بالمفاوضات مع صندوق النقد واللجوء إلى "الشرق" ردة فعل على شروط لها طابع سياسي قائلا: "الفشل أتى من خلاف حول رؤية الإصلاح ومن الأرقام المتناقضة بمؤسسات الدولة، ونتيجة خطة الحكومة التي هدفت لضرب القطاع المصرفي وإصلاح عجز المالية العامة من خلال السيطرة على ودائع اللبنانيين وقسم غير قليل من رجال الأعمال العرب الذين أودعوا أموالهم في المصارف اللبنانية".