يوم سمّى المحور الحاكم حسان دياب رئيساً للوزراء، حاول الأخير أن يتّكئ على كتف انتفاضة 17 تشرين ليقول إنه، وبسبب الظروف المحيطة يومها بالتسمية، ابن هذه الانتفاضة، وابن شعاراتها المرفوعة. لكن ما لبثت الانتفاضة أن رذلته عندما أثبت فحص ال "دي. أن. آي"، بالممارسة، أنه لا يمتّ للانتفاضة، ولو بِصِلة قرابة بعيدة.
ثم جرّب خطبَ ودّ الجماعات المتحالفة مع حزب اللّه، والتي قال فيها السيّد حسن نصراللّه إن من لديه مثلها من الأصدقاء ليس بحاجةٍ إلى الأعداء. ففشلت الخطوبة، لأن هؤلاء تعوّدوا على الشغل بالقطعة وبالمفرّق. فلم تكد تُعلن الخطوبة حتى تُفسخ، ولم يعلم بها إلّا من اجتمع عند طلب القرب عبر الخاطبة السورية.
وبما أن الشارع السنّي، والقيادات السنّية الوازنة سياسياً وروحياً ليست في وارد التعايش مع حسان دياب، بل ولا حتى في وارد تنظيم الخلاف الذي لا تتسع التناقضات فيه لتنظيمه، فإن العلاقات لم تتعدَّ الزيارات البروتوكولية التي تمّت على مضض من الطرفين.
ولما لم يبقَ من غطاء محتمل إلّا العهد (القوي) الذي أصيب بمقتل، وضُرب من بيت أبيه، أو بالأحرى من بيت صهره، فقد استكثر العهد على حسان أن يأخذ من ما تبقى من رصيده المتهاوي في الثلث الثالث من الولاية، فراح يجمع وزراءه من خلف ظهره ليقول إنه ما زال يمسك بزمام الأمور.
وبتقنية من يدور حول نفسه، عاد حسان دياب بخفّي حنين إلى المربّع الأول ليحتمي بمن سمّاه ونفض عنه الغبار، علّه يتدفأ قليلاً بوهج نار المقاومة.
ولو كان أي مبتدئ في السياسة مكان حزب اللّه لما تردّد في تقريب حسان من نار التدفئة لدرجة الاحتراق، ولكان كسب الوقت، وحسّن الشروط لاختيار من سيخلف فراشة حامت حول النار، فاحترقت قبل أن ينتهي عمرها القصير بمقاييس أعمار الفراشات المغرمة بالأضواء حتى الاحتراق.
حسان دياب، لم يعد لديه ما يعتصره في كأس السياسة، إلّا عصير تحسين شروط مَن سمّاه واستعمله، وكسب الوقت بين النقلة والنقلة، على رقعة ماتت فيها كل البيادق والقلاع والأحصنة، ولم يبقَ فيها إلّا قلعة ووزير ينتظران نقلة كش ملك في نهاية اللعبة.