Advertise here

نقطة على السطر

01 تموز 2020 16:37:31

تطالعنا بين الفينة والأخرى مشهديات تكيل الاتهامات إلى الحزب التقدمي الإشتراكي، ولرئيسه وليد جنبلاط، ضمن سياق الاستهداف المعتاد، والتي تبثّ عمداً، وعلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وهي بلا أدنى شك تصنّف تحت خانة "غير البريئة". 

فيا سادة، إن صرخة الموجوع، سواء في المنطق أو في التحليل، تأتي عفوية وصادقة، أما أن يمتشق هذا المستوجِع هاتفه، أو آلة تصويره، ويطلق العنان للسانه وبغضب المصطنِع، فإنما يندرج ذلك ضمن سياق التمثيليات المفبركة لأجل التشهير ليس إلّا، وهو ما يحاسب عليه الضمير الإنساني قبل القانون.

لماذا هذا التهجّم اللّافت على الحزب ورئيسه؟

ألأنهما أدركا الأحداث القادمة فاستبَقاها لتأمين حاجات أبناء مجتمعهما ضمن مناطق تواجد الحزب، من أساسيات غذائية ومحروقات وطبابة، ودون تفرقة بين مَن هو مع ومَن هو ضد، أو دون تمييز بين مَن هو من هذه الطائفة، ومن تلك؟! أم لأنهما وعيا للمرحلة المقبلة، وما الذي تحمله من أحداث، وربما مآسٍ وفوضى أمنية، فَجَهدا في سبيل تحييد المنطقة مما هو آتٍ؟!. أم لأن وليد جنبلاط أقدم على الإسراع في تخطي الخلافات الداخلية الدرزية- الدرزية، والدرزية- المسيحية، لأنه يعلم علم اليقين، كعلم الدارس والباحث المستشرف، من أن الصراعات الدولية المقبلة ستكون أكبر مما يتصوّرها المرء، وأنها سيلٌ جارف قد تأخذ الجميع معها دون سابق إنذار؟!

وبحسبنا، إننا كتقدميين إشتراكيين، نعي تمام الوعي أن حزبنا هو من أكثر الأحزاب وعياً وتقديساً لمبدأ حرية التعبير عن الرأي وعلى كافة الصعد، وبالتالي فهي من مبادئ وأهداف حزبنا. كما ويتداخل في أدبيات الحزب الفكرية تكريس مبدأ الديمقراطية الصحيحة، والتي تنزع إلى أن يكون الإنسان حراً وغير مرتهنٍ سواء بقوله أم في عمله... لكن ما نحن ضدّه ونقف في مواجهته، هو التطاول المتعنّت على الآخر، والذي هو في اعتبارات التقدميين الإشتراكيين استقواء "اللامنطق على المنطق"، والذي ربما يصل إلى حدود إثارة النعرات الاجتماعية والسياسية ضمن البيت الواحد، والعائلة الواحدة، والقرية الواحدة، وبالتالي ضمن الوطن عموماً.

ولا مشاحة من القول أنه ما من مانع في ثقافة الحزب ومندرجات أدبياته، من نقد الحزب، أو رئيسه، حول خطأ حصل أو نتيجة موقف اتخذاه، ممن يرى فيه البعض أنه يناقض موقفه، فيعبّر عن رأيه بطريقة حضارية ربما تصل إلى إعادة التفكير بهذا الخطأ، أو ذاك الموقف، ليعودا عنه إذا لزم الأمر. فالحزب ورئيسه يتمتعان بشجاعة التفكير بأي خطأ يحصل حتى درجة الاعتذار، فهذه هي مدرسة المعلّم كمال جنبلاط، التي استقينا منها وغرفنا من منجمها روح الإثرة، وكياسة الأدب، وشجاعة التسامح، ومبادرة الاعتذار. أما وأن يُطلق العنان لألسنٍ من دون وازعٍ أدبي يحدّ من جماحها في توزيع الانتقادات، وتجريحٍ مكروه، ولغاية في نفس مطلقيها، والتي تنمّ عن خبايا الكره إن للحزب، أو لرئيسه، ودون مسوغ شرعي وقانوني وبعيداً عن أي دليل حسّي، فهذا ما لا يقبله العقل، ولا يتقبله علم المنطق قبل أن يرفضه التقدميون الإشتراكيون.

فكما أنّ للناقد من مشاعر وأحاسيس تجاه صعوبة الحال المُعاش الذي أوصل المجتمع اللبناني إلى ما وصل إليه، ليخرج البعض داعين إلى إسقاط الطبقة السياسية الفاسدة، فإن للتقدميين الإشتراكيين أيضاً مشاعرهم وأحاسيسهم. فهؤلاء عندما أدّوا اليمين الحزبية، إنما أقسموا على مبادئ اقتنعوا بها تمام الاقتناع، كونها تحاكي، وتُجاري، طموحاتهم السياسية والحياتية. والأهم أنهم رأوا في هذه المبادئ موئل كرامتهم الشخصية، فأقسموا على الذود عنها لتدخل ضمن مقدساتهم. 

كلا أيها الانفعاليون. إن هذا التاريخ، وتلك النضالات، من غير المسموح أبداً أن يأتي من يذري غباره عليها عبر تمثيليات ومسرحيات استعراضية مدفوعة الأجر، وغير مبررة، ومن خلال وسائل تواصل اجتماعية لغرضٍ ما في نفوسكم، أو لسببٍ غير التشهير من الأصوب أن يعالج بالحوار. والتقدميون الإشتراكيون شعب لا يستحي من تاريخه، ويصنع مستقبله بقناعة ووعي. تاريخنا يدل على حاضرنا المثقل بالعزة، والكرامة، والعنفوان. 

لا تعبثوا بمجتمعكم تحت حجة محاسبة الفاسدين. بل كونوا الشريك اذا أردتم واستطعتم في تحصين السلم الاجتماعي، بدءاً من صونه السلم الغذائي، احتياطاً للجوع وتحوطاً للعَوَز.

نشهد أننا بلغّنا.
ونقطة على السطر.

 
هذه الصفحة مخصّصة لنشر الآراء والمقالات الواردة إلى جريدة "الأنبـاء".