بين ليلة وضحاها، اجتاح "تمديد القانون رقم 288/2014" الفقرة الإصلاحية لقطاع الطاقة، فبعدما صيغ البند الأول على الشكل التالي:
"تلتزم الحكومة تأمين التغذية الكهربائية 24/24 في اسرع وقت ممكن وذلك وفقاً للقوانين والأنظمة المعمول بها، وإعادة التوازن المالي لمؤسسة كهرباء لبنان بالحد من الهدر التقني والمالي..."
أضحت الصياغة النهائية بسحر ساحرٍ على الشكل التالي:
"تلتزم الحكومة تأمين التغذية الكهربائية 24/24 في اسرع وقت ممكن و ذلك وفقاً للقوانين والأنظمة المعمول بها والعمل على تمديد القانون رقم 288/2014، وإعادة التوازن المالي لمؤسسة كهرباء لبنان بالحد من الهدر التقني والمالي..."
مع الإبقاء على البند الثاني كما هو دون تعديل:
"تعيين أعضاء الهيئة الناظمة وفقاً لقانون تنظيم قطاع الكهرباء، مع مراجعة القانون بهدف تحديثه."
بداية، لا بد من استعراض ماهية "الهيئة الناظمة" و صلاحياتها، فقد نصت المادة السبعة من قانـون "تنظيم قطاع الكهرباء" رقم 462 تاريخ 2/9/2002 على وجوب "إنشاء هيئة تسمى "هيئة تنظيم قطاع الكهرباء" تتولى تنظيم ورقابة شؤون الكهرباء وفقاً لأحكام هذا القانون وتتمتع بالشخصية المعنوية وبالإستقلال الفني والإداري والمالي ويكون مركزها في مدينة بيروت"، وقد أنيط بهذه الهيئة، حسب المادة الثانية عشر، مهام وصلاحيات واسعة تبدأ بإعداد دراسات المخطط التوجيهي العام للقطاع في مجالات الإنتاج والنقل والتوزيع و إعداد مشاريع المراسيم والأنظمة وتشجيع الإستثمار في قطاع الكهرباء وتأمين وتشجيع المنافسة في قطاع الكهرباء وتحديد سقف لأسعار خدمات الإنتاج وللتعرفات ومراقبة حسن سير خدمات الإنتاج والنقل والتوزيع وصولاً إلى إصدار وتجديد وتعليق وتعديل وإلغاء التراخيص والأذونات.
وقد أكد القانون رقم 181 الصادر بتاريخ 5/10/2011، على وجوب تشكيل هيئة تنظيم قطاع الكهرباء خلال مهلة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخ نشر القانون في الجريدة الرسمية أي من تاريخ 13/10/2011.
ومنذ تاريخ صدور القانون رقم 462 (تاريخ 2/9/2002) وصولا الى تاريخ القانون رقم 181 (تاريخ 13/10/2011) لم تبصر هذه الهيئة النور،
وقد عاد القانون رقم 48 "تنظيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص" الصادر بتاريخ 7/9/2017 على إعادة التأكيد على أهمية و دور الهيئة المنظمة لقطاع الكهرباء، وذلك في مادته الثانية، من خلال ممارسة "الهيئة المنظمة للقطاع مهامها فيما خصّ إصدار الترخيص". كما نصت المادة الثانية على وجوب أن "تخضع إجراءات اختيار الشريك الخاص لمبادئ الشفافية وحرية الاشتراك للمرشحين المتنافسين والمساواة في معاملتهم، ويجب أن تسبقها العلنية الكافية لتوفير تعدّد العروض المتنافسة على الفوز بالعقد."
أما المادة السابعة فقد نظمت المنافسة من خلال إرساء مبدأ "تقديم ثلاثة عروض على الأقل".
أما المادة الوحيدة من القانون رقم 288، القانون "السحري" الذي صدر بتاريخ 8/5/2014 بعد تعذر "إرادي" في تطبيق كافة القوانين السابقة القاضية بضرورة تشكيل هيئة منظمة لقطاع الكهرباء في مهلة كان أقصاها تاريخ 13/1/2012، فقد نصت على ما يلي: "بصورة مؤقتة، ولمدة سنتين، ولحين تعيين أعضاء الھيئة واضطلاعھا بمھامھا، تمنح أذونات وتراخيص الإنتاج بقرار من مجلس الوزراء بناءً على اقتراح وزيري الطاقة والمياه والمالية"
أما تضمين البيان الوزاري مطالبة صريحة بالعمل على تمديد القانون رقم 288، فلا تحمل في طياتها سوى المزيد من التعطيل الفاضح والمقصود عن سابق تصور ,تصميم لأهم بند من بنود إصلاح قطاع الكهرباء، الا وهو تشكيل الهيئة المنظمة للقطاع...
كيف لا وقد تم "تفخيخ" البند الثاني القاضي بتعيين الهيئة الناظمة، بأداة ربط و جر، تقضي بالتعطيل المسبق من خلال ربط التعيين بمراجعة قانونٍ، لن تبصر خواتيمها النور، بذريعة نية حسنة تكمن في تحديثه... ومع الفشل الطويل والمستدام في عملية التحديث المشبوهة، تكون صلاحيات الهيئة قد انيطت، بفعل القانون 288 الممدد له، بأحادية قرار يمسك بزمام مشاريع CEDRE الموعودة وبمفاصل شراكة بين قطاع عام و بعضه من الخاص.