Advertise here

مذكرة "التقدمي" مبادرة جدّية للمتابعة.. واستمرار تهريب الدولار يرفعه لأرقام قياسية

26 حزيران 2020 05:20:00 - آخر تحديث: 26 حزيران 2020 10:44:00

لم يخرج اللقاء الوطني من بعبدا بجديدٍ يذكر، رغم أن الحوار الجدي مطلوب بكل ما يتوفر من فرص وإمكانيات، لأنه السبيل الأفضل، وربما الأوحد، للخروج بحلول لم يعد هناك من وقت متاح للوصول إليها، إذ إن الانهيار قد بات في عقر دار الوطن، وينهش جسده المتهالك.

غياب مكونات أساسية عن لقاء بعبدا كان واحداً من عوامل النقص، والبيان المعدّ سلفاً كان عاملاً آخر. وعدم الاهتمام بالخروج بأفكارٍ عملانية بل الاهتمام بالصورة كان عاملاً ثالثاً. وحده من بين الأحزاب، كان الحزب التقدمي الإشتراكي جلياً في موقفه صادقاً في نية الحوار، وجريئاً بطرحه، مفصَّلاً في عناوينه، حيث قدّم رئيس اللقاء الديمقراطي، النائب تيمور جنبلاط، مذكرةً وضعت النقاط على الحروف لمن يريد القراءة في كتاب توصيف الواقع واستنباط الحلول. 

وقد شكّلت المذكّرة بحد ذاتها مبادرة يمكن فعلاً البناء عليها لعمل إنقاذيٍ حقيقي للخروج من أزمة تستفحل يوماً بعد يوم، نتيجة القصور في المعالجات، وبسبب السياسات الضيّقة التي تعيق أي إصلاح جدّي.

وقد خرج لقاء بعبدا ببيانٍ أكّد جملة مسلمات أبرزها، "إن الاستقرار الأمني هو أساس، لا بل شرط للاستقرار السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، والمالي، والنقدي. أمّا التصدّي للفتنة، والشحن الطائفي والمذهبي، تحضيرا للفوضى فهو مسؤولية جماعية تتشارك فيها جميع عناصر المجتمع ومكوناته السياسية".

مصادر متابعة رأت أن لقاء بعبدا، "حقّق نصف نجاح بسبب الغياب اللافت للعديد من القوى السياسية التي تملك قواعد تمثيلية لا يستهان بها". وقالت لـ "الأنباء": "لا يمكن اختصار الطائفة السنيّة بالذين حضروا اللقاء، مثلما كان التمثيل الماروني ناقصاً بغياب أحزاب الكتائب، والقوات اللبنانية، وتيار المردة، وبغيابٍ مطلق وغير مبرر لطائفة الروم الملكيين الكاثوليك".

ماروني: الفتنة مصدرها السلاح

قراءة وافقها عضو المكتب السياسي في حزب الكتائب اللبنانية، النائب السابق إيلي ماروني، الذي رأى أن، "اللقاء ولد ميتاً، ولولا حضور الرئيس ميشال سليمان والنائب جنبلاط لكان هناك فريقٌ واحد يحاور نفسه"، وأضاف لـ "الأنباء": "إذا كان اللقاء لبحث مسبّبات الفتنة، فالفتنة مصدرها السلاح. وعندما نجتمع ولا نبحث في سلاح حزب الله يكون الاجتماع مضيعة للوقت، لأن من يملك السلاح هو القادر على إشعال الفتنة". ورأى ماروني أن، "الحوار لو إنعقد تحت عنوان الغلاء، والدولار، ولقمة العيش، لكنا شاركنا". وعلّق ماروني على مطالبة النائب جبران باسيل بتطوير النظام السياسي، فقال "كلنا يعرف أن هذا النظام أثبت فشله. لكن تطويره بحاجة لهدوء، وعندما يستقر الوضع النقدي وتعود الحياة إلى طبيعتها نذهب كلنا كلبنانيين لتطوير النظام".


المردة: الجوع الزاحف

مصادر تيار المردة عبّرت لـ "الأنباء" عن أسفها لعدم تطرّق اللقاء للغلاء، والارتفاع الجنوني للدولار، وحذّرت من الجوع الزاحف في الأشهر المقبلة سائلة، كيف سيستطيع العهد مواجهته؟ وقالت المصادر: "لا قيمة لأي حوار في هذه الظروف، وكفانا تخويفاً الناس من بعضهم، فما يهم الناس اليوم هو لقمة العيش، وما حدا فاضي لحدا".

قاطيشا: باسيل مسؤول عمّا بلغته الأمور

عضو كتلة الجمهورية القوية، النائب وهبه قاطيشا، ردّ على كلام باسيل في بعبدا، وقال لـ "الأنباء" إن، "باسيل مسؤول عمّا وصل إليه مسار الأمور في لبنان منذ خمس سنوات". ولفت إلى، "أن البيان الصادر عن لقاء بعبدا خلا من أي بنود إصلاحية"، معتبراً أن "اللقاء ليس عملياً، وهم قالوا إن اللقاء من أجل الحفاظ على السلم الأهلي. ونحن نسأل من يعبث بالسلم الأهلي؟ من أطلق النار على عين الرمانة، ومن خرّب بيروت وطرابلس؟ لماذا لا يتم توقيفهم؟ فلو وضعوا مواضيع جدية لكنا أول من يشارك".

الحجار: هنيئاً لهم
بدوره عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار قال لـ "الأنباء" إن، "بعد ما سمعناه من البعض بأن الميثاقية كانت موجودة، فهنيئاً له". وأكّد أن عدم مشاركة المستقبل كانت، "رسالة اعتراض على عقلية وأداء وسلوك ومقاربة لدى العهد بعيدة كل البعد عن مسار يوصل المعالجات الى حلول"، معتبراً "أن ليس هناك أي معالجات جدية، فكل ما في الأمر كلام وشعر".

وحول كلام باسيل من أن لبنان يمرّ بأخطارٍ تهدد وجوده، ومن يرفض الحوار إنما يدل على نواياه بتعطيل الإنقاذ، قال الحجار "جبران باسيل هو آخر من يحق له الكلام في هذا الموضوع، والكل يشهد بذلك".

عبدالله: التجارب السابقة غير مشجعة
عضو اللقاء الديمقراطي النائب بلال عبدلله استبعد أن يأخذ العهد بمضمون المذكرة التي قدمها النائب جنبلاط في اللقاء. ورأى في حديث مع "الأنباء" أن التجارب السابقة غير مشجعة، مذكرا بأن الحزب التقدمي الإشتراكي قدم العديد من الأوراق ولم يؤخذ بها، من بينها ورقة الكهرباء، والورقة الاقتصادية، وبالأمس الورقة الاقتصادية- السياسية، معتبراً أن الأولويات عندهم هي في مكان آخر. 

وقال عبدالله: "لا أتصور أن السلطة السياسية قادرة أن تلبي كل ما هو مطروح في المذكرة التي تطالب بتحرير الاقتصاد بالحد الأدنى من تداعيات قانون "قيصر"، فهناك جو يُعمل به على حساب الطائف". وأضاف: "بجميع الأحوال، الحزب قام بدوره، وشاركنا في اللقاء، وطالبنا بإجراءات فورية لحل الأزمة".

من جهة ثانية، قال عبدالله إن الحزب يدعم تطوير النظام "شرط أن يكون من ضمن الطائف، فإذا استطعنا إلغاء الطائفية السياسية، وأن ننشئ مجلس شيوخ، ونقر قانون انتخابات خارج القيد الطائفي، فهذا إنجاز كبير إلّا إذا كان هناك أمر آخر. وأهم شيء هو تنفيذ ما لم يطبّق من الطائف".

الدولار إلى أكثر من 10 آلاف؟ 
وبغياب الهم الاقتصادي عن جدول لقاء بعبدا، قلّلت مصادر اقتصادية من تداعيات الاجتماع على الأسواق المالية، وعلى أسعار الدولار الذي لامس أمس سقف الثمانية آلاف ليرة. وتوقعت المصادر إرتفاع سعر الصرف ليصل في الأسبوع المقبل إلى أكثر من عشرة آلاف ليرة، ما لم تتم معالجة هذا الأمر وتحديد سعر واحدٍ للدولار في جميع القطاعات. 

وطالبت المصادر بحالة طوارئ مالية واقتصادية لأن وضع الدولار خرج عن السيطرة، ومن الواضح أن الدولارات يتم تهريبها إلى خارج الحدود وكل الإجراءات التي اتّخذت في المدة الأخيرة لم تكن ذات فائدة. وختمت بالقول: "طالما ان الثقة غير موجودة بالقطاع المالي، فلن يكون هناك استقرار في سعر الدولار".