Advertise here

المختارة قبلة الوطنيين والعروبيين والأحرار!

11 شباط 2019 12:40:56

بغض النظر عن نشوء الكيان اللبناني، بحدوده الحالية، وبغض النظر عن دستوره، وميثاقه الوطني، واتفاق الطائف، وتسويات ما بعد الطائف، فإن للطائفة الدرزية في بلاد الشام وليس فقط في لبنان، سياقاً تاريخياً في العلاقة مع زعامة المختارة. 

إن علاقة الدروز مع زعامة المختارة، ليست آنية ولا ظرفية ولا تخضع لصعود أو هبوط نجم سيد القصر في السياسة. 

إنها علاقة تتعدى تصنيف الدروز في لبنان، لتشمل دروز  سوريا وفلسطين والأردن والانتشار الدرزي في الخارج ، بل أكثر من ذلك تنسحب على طوائف أخرى داخل جبل لبنان وخارجه، لتصنف بعض العائلات، والقرى، والقصبات، بين جنبلاطية وغير جنبلاطية، وقد تُبنى أيضاً على أساسها تحالفات وخصومات تاريخية، كتلك التي ربطت تاريخياً الشهابية والجنبلاطية وعلاقة آل جنبلاط بآل الخازن، أو سياسياً بين عائلة إده والمختارة أيام الكتلة الوطنية. 

صحيح أن الزعامة الجنيلاطية، لم تكن يوماً أحادية، ولكنها كانت دوماً، حجر الزاوية، وعمود الوسط. 

تتغير قواعد اللعبة وقواعد الاشتباك، ولكن بند العلاقة مع زعامة المختارة يبقى دائماً أحد بنود صياغة قواعد اللعبة . 

انتفض كمال جنبلاط على قاعدة تحكّم الإقطاع بالسياسة، فحزّب طائفة ولم يطيّف حزباً، وإن كان بين محازبيه من قادتْه عصبيته الجنبلاطية إلى الحزب التقدمي الاشتراكي، فقد ذابت هذه العصبية، في بحر علمانية واشتراكية كمال جنبلاط ورفاقه المؤسسين، ومن بعدهم جماهير اللبنانيين من كل المناطق والطوائف والخلفيات التاريخية . 

نعم بقي كمال جنبلاط ينهل فلسفته الروحية، من نبع العرفان التوحيدي، الذي ترفده كل الديانات والفلسفات التي ترتقي بالنفس الإنسانية، فبقيت طائفة الموحدين الدروز ملعبه الرحب لما بينهما من تزاوج روحي، ولكنه بالتأكيد، انتشلها من عزلة التكتم والتقيّة، إلى رحاب العلنية والافتخار بإمامة العقل. 

ونعم بقي الدروز ملاذ كمال جنبلاط لنفس الأسباب .

وبقي التاريخ يرمي أوراقه، ورقة تلو الأخرى مع وليد جنبلاط، فكان كلما استشرى سرطان الطائفية في نصوص وممارسات النظام اللبناني، يجد عند وليد جنبلاط، ومن حوله ومعه، رادعاً ووازعاً وعلاجاً حتى في أشد لحظات ظلمة ليل التقوقع في شرانق التعصب.  

المختارة قبلة الوطنيين والعروبيين والفلسطينيين والمؤمنين بالعدالة الاجتماعية، الذين لا يرتبطون بسياسات الدول والأحلاف الإقليمية والدولية، فلا تناصرهم دولة لأنهم أزلامها، ولا تحميهم منظومة لأنهم من ضمنها.

من أجل كل ذلك  قال وليد جنبلاط في المختارة بالأمس عندما استقبل آلاف العمائم البيضاء، إن هناك من يحاول إعادتنا سبعين سنة إلى الوراء، أي إلى ما قبل ثورة  كمال جنبلاط في عالم الإنسان ليؤكد أن المختارة، بقدر ما هي بقوة الفعل، رافعة العمل الوطني والعروبي والتقدمي، بقدر ما هي بفعل القوة، شاء من شاء وأبى من أبى، زعامة تاريخية في كل بلاد الشام، مهما تغيرت قواعد اللعبة وقواعد الاشتباك، ولئن شكل الدروز شبكة أمان لها، فإن هذه الشبكة، لا تظهر إلا إذا شهق الناظرون خوفاً من سقوط من يسير على حبل مشدود في مكان عالٍ، فإذا هدأ تذبذب الحبل، نسَوا الشبكة وعادت أنظارهم تتركز على من يسير في الأعالي، والنظر إليها يتطلب رفع الرؤوس والهامات، لانه واثق بخطاه، وسيحصد النصر مهما تذبذب الحبل من اهتزازات الممسكين به، سواء اهتزت أياديهم عن خبث أو عن حقد أو عن عداء أو عن جبن.