Advertise here

الكذب في حضرة الحقيقة

24 حزيران 2020 22:08:24

رغم كل ما يحصل، لا يزال هناك من يمعن في الخطاب ذاته، ينبش في صفحات التاريخ السوداء. فهل هذا هو التاريخ الذي تريدون أن يتذكره اللبنانيون؟ تاريخ الحروب العبثية؟ أم تاريخ الانقلاب على منجزات انتفاضة الاستقلال في سوق الصفقات السياسية التي لزّمت لبنان للقوى الإقليمية؟

عن أي تاريخٍ تتكلّمون؟ عن الفتن الطائفية؟ عن الاستئثار، والتفرّد، والاستقواء؟

باللّه عليك كفاكم نكأ جراح تاريخٍ لم يدمل بعد في ذاكرة اللبنانيين. كفاكَم تزويراً للوقائع، وتحريفاً للحقائق، للظهور بمظهر الحريصين على الوطن ووحدته، فيما أنتم دعاة التقسيم وأصحاب الخرائط الملوّنة المفضوحة العناوين والأهداف.

كفاكَم تحريضاً على تعايش أبناء الوطن عبر بثّ ما يغذي النعرات الطائفية والمذهبية. ونطمئنكم أن المصالحة الوطنية راسخة في الجبل، كما في كل لبنان. نطمئنكم أن للجبل جبلٌ يرعاه ويحميه، ويصون وحدته واستقرار العيش المشترك بين أبنائه رغم الدسائس المشبوهة التي تحاول العبث بأمنه. 

ولن تنجح محاولات الالتفاف على المصالحة الدرزية- الدرزية التى رعاها رئيس مجلس النواب الرئيس نبيه بري، ولتُظهر حقيقةً واحدةً يؤمن بها جميع أبناء طائفة الموحّدين الدروز، وهي أن الظنّ ليس يقيناً، ولهذا إن بعض الظن أثم. والآثم فاسقٌ ومفسدٌ في الأرض، فتبيّنوا خبره وتجنّبوه.

أما عن ادعاءات محاربة الفساد، فكيف ذلك ومكمن الفساد في وزارات ومؤسّسات عامة هي تحت إدارتكم. والغريب أنكم تدعون المنتفضين الثائرين على فسادكم للانضمام إليكم في حربكم المزعومة على الفساد. 

فهل من هزلٍ أكثر من هذه المهزلة؟؟

من الذي عرقل التشكيلات القضائية التي أجمع عليها مجلس القضاء الأعلى؟ وما السبب؟ هل هكذا تكون استقلالية القضاء التي تدعون أنكم من المطالبين بها؟ هل تكون الاستقلالية بتولية من تريدون لمحاكمات غب الطلب؟ ومن يقف خلف القمع والضغط على كل رأيٍ حرٍ يواجه الممارسات المفضوحة في إدارة البلاد؟

ولأن ذلك تخطّى كل أنواع الفساد حتى بات وصفها به ليس دقيقاً، ولأن الوقاحة في الكذب تجعله رياءً، ولأن الحقيقة يعرفها الجميع. لذلك فإن الكذب في حضرة الحقيقة رياء.

*هذه الصفحة مخصّصة لنشر الآراء والمقالات الواردة إلى جريدة "الأنبـاء".