بات المشهد السّياسي يثير السُخرية أكثر مما يثير فينا التحليل واستنباط الأمور. كيف لا وحريّاتنا مرهونة بتعليقٍ لا يرضي أحلامهم؟!
تحالفٌ من هنا وصفقات من هناك. كذبٌ ومراوغة، ولا زالت عجلة البلد متوقفة، لا بل تتراجع إلى الخلف بوقاحة مسؤولين،والتي تخطت كل الحدود. رئيس حكومة الظل لا يملك سوى الكلمات يتمسّك بها؛ إذ أن الأفعال ليست بيده، ومع ذلك هو متمسكٌ بكرسيه علّه يخط بعض المذكرات لكتابه الجديد.
أما اليوم فإن وطني مشروعٌ تحت سيطرة مفروضة على كافة قطاعاته. والمضحك أن الدولة تقف مكبّلة اليدين، لا بل تساعد في إرضاء المسيطر بتمرير صفقاته، وفتح المعابر غير الشرعية، وتهريب الماوزت، والمواد الأولية، والقمح، و"الدولارات" لسوريا الشقيقة، غير آبهةٍ بمصير الشعب اللبناني.
ناهيكَ عن بداية تطبيق قانون قيصر بحق سوريا، وتداعياته على لبنان، إذ أننا نمرّ بمرحلةٍ مفصليّة تجعلنا في مهبّ الريح. والرياح الإيرانية- السورية البعثية والعونية تجبرنا على الدخول في صراعٍ لا نحمله، وفي تجاذباتٍ نحن بغنى عنها.
ألا يشعر حزب الله بضيق الأزمة؟ ألا تعاني بيئته كما الكل؟ ماذا لو طُبّق قانون قيصر بحق لبنان؟ نموت من أجل دولة أخرى؟
ومن ناحية أخرى، نرى من يعيش حلم الرئاسة في مخيّلته واهماً بأنه يستطيع الوصول. يكابر بعد ان سقط في الشارع. هؤلاء الذين يسحبون الناس الى التحقيق لمجرد مقالٍ، أو رأيٍ انتقادي، من الأجدر بعظ أن يلاحقوا المجرمين والقتلة، والسارقين والفاسدين، والمهرّبين وتجار المخدرات، والعملاء، بدلاً من الأبرياء الذين كل ما اقترفوه هو أنهم خرجوا عن صمتهم، وعبّروا عن معاناتهم.
هذا كله، ونسمعُ أشخاصاً تنادي بالفيدرالية كَحَلٍ لواقع لبنان، وذلك لعجزهم عن الانفتاح وتقبُّل الآخر. أيُّ فيدراليةٍ تنادون بها في ظل واقعٍ طائفي؟ أتريدون تعزيز الطائفية وتكريسها، وتقديم هديةٍ لكل من يريد أن يُضعف الكيان اللبناني وتحجيمه؟ مشكلتنا أننا دائماً نسعى إلى التفرقة والبُعد وننسى أننا خلايا متداخلة فيما بينها. نحن بلد لا نتحمل التقسيم والتجزئة، بل علينا أن نسعى إلى التكامل فيما بيننا.
يتقاسمون لبنان، ويفرضون علينا التعايش مع فكرة الدويلة. لكننا سنواجه، ولن نرضى بالسجن الكبير، فلا بدّ للقيد أن ينكسر.