عنف الثورة يطبع ليالي طرابلس ومواجهات حامية مع الجيش

15 حزيران 2020 08:38:00 - آخر تحديث: 06 أيلول 2020 20:14:53

عاشت مدينة طرابلس أمس الأحد يوماً من الهدوء الحذِر، وعادت الحركة إلى الشوارع والأحياء ولو بشكلٍ خجول، بعد ليلة متوتّرة وحامية في التبّانة، بين الجيش اللبناني وعدد من الشبّان والمجموعات. وبدت ساحات عدة، لا سيما ساحة النور وأماكن أخرى، أشبه بساحات المعركة، خصوصاً وأنها تشهد مواجهات ليلية حامية.

ليل العنف
ما حصل في التبّانة ليل السبت - الأحد، بات يتكرّر في أكثر من نقطة في طرابلس، كساحة النور وغيرها. فما إن يُسدِل الليل ستاره على نهارٍ صعب من المعاناة يمرّ على الطرابلسيين، حتى تقع المدينة ليلاً في قبضة موجة هائلة من العنف لا يملك أحد قرارها أو يعرف حقيقتها. أهو العنف الثوري، أم التخريب تحت غطاء الثورة؟

صباح أمس الأحد، استفاقت المدينة على مشاهد مُرعبة من التخريب طاول عدداً من المؤسسات، لا سيما بنك "لبنان والمهجر" في ساحة النور. ولم تسلم بلدية طرابلس هذه المرّة من الإحتجاجات حيث عمد شبّان إلى خلع بابها الأساسي وإحراق آلية تابعة لها. كذلك أُحرقت في البداوي شاحنة مواد غذائية قيل أنها كانت تنوي تهريب حمولتها نحو سوريا. وتخلّل ليل السبت - الأحد مواجهات عنيفة بين عناصر الجيش اللبناني وشبّان في التبانة، أُصيب في حصيلتها النهائية عشرات الجرحى في صفوف الطرفين (80 جريحاً) بينهم عناصر من الجيش اللبناني. والمفارقة في كل ما يجري، أن الحراك الأساسي في طرابلس (17 تشرين) ينفي معرفته بمن يفتعل هذه الأحداث، وثمّة من قال من أهالي التبانة وفاعلياتها إنّ "من تواجهوا مع الجيش ليسوا من أبناء التبانة بل هم مجموعات غريبة دخلت وافتعلت المواجهات مع الجيش".

صفحات التواصل الإجتماعي امتلأت بالتعليقات والمنشورات التي تصف هذه الأعمال بالتخريبية والبعيدة عن الثورة الحقيقية، وتصف من اعتدوا على الجيش بأنهم مخرّبون. وجال أهالي منطقة التبانة وفاعلياتها امس على مراكز الجيش اللبناني في المنطقة ووزّعوا الحلوى على عناصره، عربون تقدير لدوره وللتأكيد على أن لا فتنة بينه وبين أهالي التبانة.

وأمس الأحد، تمّ تصفيح السور الخارجي لمبنى بلدية طرابلس ومبنى سراي طرابلس، واستكمل بنك البركة في المدينة تصفيح مدخله الخارجي، ونفّذ عدد من المؤسسات الخاصة الإجراء نفسه خشية من الإعتداءات الليلية التي تحصل، حيث تتحوّل شوارع المدينة ساحات كرّ وفرّ بين الجيش اللبناني والمحتجّين. هذا الروتين القاتل الذي تعيشه طرابلس يومياً منذ مدة، زاد الوضع الإقتصادي المُتأزّم في طرابلس تأزّماً، حيث، إضافة الى الغلاء وارتفاع سعر صرف الدولار وعدم قُدرة التجّار في الأسواق على شراء البضائع، تُضفي التوتّرات الأمنية حالاً من الخوف في المدينة التي تختنق ويختنق اقتصادها بالكامل.

الصمت المُطبق خيّم على فاعليات طرابلس السياسية، ولم تشهد المدينة وساحاتها وأسواقها التي طالها التخريب أو حتى التي تئنّ من الجوع والغلاء، أي زيارة لأي مسؤول فيها، على غرار زيارة الرئيس سعد الحريري التفقدية لشوارع وسط بيروت التي طاولها التخريب، للوقوف على أوضاعها وأحوال أهلها بعد كل ما تتعرّض له، بل تكتفي الزعامات السياسية في المدينة بالتغريد من دون أن يرفّ لها جفن، فتدعو إلى اجتماع واحد، لو صُورياً، لتأكيد تضامنها مع طرابلس خصوصاً وأنّها تمرّ في أسوأ ظروف إقتصادية وأمنية.

أحوال الطرقات

بين طرابلس وعكّار، أعاد الجيش اللبناني فتح الطرقات لا سيما في المنية والبداوي، كذلك فُتحت طريق العبدة، فكانت الحركة من عكّار إلى طرابلس سالكة بالكامل حتى مساء الأحد.

وفي الشمال، يستمرّ الحديث عن نقل شاحنات مواد غذائية أو تموينية من لبنان إلى الداخل السوري، حيث يعمد الثوار إلى اعتراض طريقها وسط تساؤلات: لماذا تُنقل هذه المواد من لبنان إلى سوريا، بينما في لبنان هناك من هم بحاجة إليها أكثر بسبب الأوضاع المعيشية والإقتصادية الصعبة؟ وهنا في الشمال أيضاً لا يزال الحديث عن شاحنات التهريب من لبنان إلى سوريا مستمراً واتّهام الحكومة بضخّ الدولار في السوق اللبناني لتهريبه إلى سوريا.