Advertise here

وطن مكبل

10 حزيران 2020 17:09:06

بلدي يأكله الصدى في عزلٍة بين الأنين، والترجي، والانهيار نحو منحدرٍ شديد الانزلاق، ويهوي على ودايا التدهور والتعثّر. كفيفٌ في هذه الأثناء، مكبلٌ لا يستطيع المشي، ولا يستطيع النهوض.

جريمةٌ حصلت في تراب الغدر. قتلوا كل شيءٍ في أرضك، حتى الطموحات مزّقوها، والأماني قيّدوها، والأحلام كبّلوها. ماذا عساي القول سوى أنها سياسةٌ بطشاء، وحيتان تنهش من كل زاوية، حتى أصبحنا غارقين بين جشع الحكومات، وقبضة السياسيين، واحتكار التجار، وغلاء وارتفاع الدولار، وانجرار البلد إلى حيث لا تُحمد عقباه.

بلدي أصبح عجوزاً يحمل عصاه، ويتعكّز عليها، وأصبحت سنينه قليلة، حتى أصبح الخرف يأكل ذاكرته حتى استلقى على فراش الموت، يلفظ أنفاساً أخيرةً، ويردّد عبارة "سأموت تاركاً شعبي مرمياً بين الفقر والجوع، متكئاً على حافة الوجع، وصحوة ضمير الحاكم الميت في نقص الوجدان، وغياب الإنسانية، بكل ما للكلمة من معنى.

حكومة تخطّط وتفبرك مخططات الأزمة الحالية، في ما بين الشارع يثور، ولقمة العيش مهدورة، ومهددةٌ بالزوال، وشعبٌ يحتضر، وأطفالٌ تنام دون مأوى، وناسٌ مشرّدون وفقراء يأكلون فتات الخبز من حاويات النفايات، وأنتم جالسون في سرايا الإنجازات تتلطون بخططٍ تقولون إنها انقاذية، ولكلٍ منكم فيها مصالحه الشخصية، ضمن نطاق الحكومة المأجورة من طرفٍ سياسي في البلد، ووجهتها واضحةٌ في تقلّب هذه الأوضاع في معترك الطريق.

قالها كمال جنبلاط، "السياسة مبدأٌ، وأخلاق، وحكمة، وضمير، ونظافة كف". اليوم وليد جنبلاط في هذه الأثناء قالها مجدداً عبر لقائه الذي كان في بعبدا، حين قال إنّ مصلحة الوطن تفوق المصالح الشخصية، ولا بدّ من ترك الخلافات جانباً لما فيه مصلحة الوطن. هكذا تكون رجالات الدولة حاملةً مبدأ "وطني أولاً".

لا يسعنا إلّا القول بأن وليد جنبلاط هو رمز التنوّع في هذا الوطن، ورمز تاريخٍ عربيٍ، وزعيمٌ وطنيٌ حريصٌ على العيش المشترك في هذا الوطن.

نعم، وليد جنبلاط تاريخٌ يخطّ طريق السياسة بذكاء، ويعرف كيف يقيس الموازين، والتطورات، والصراعات، والتجاذبات، وفي كل المواقف ينتصر.

*هذه الصفحة مخصّصة لنشر الآراء والمقالات الواردة إلى جريدة "الأنبـاء".