Advertise here

استنفار للجم الانهيارات... والحريري: "سأحارب الفتنة بكل قوتي"

10 حزيران 2020 09:51:00 - آخر تحديث: 06 أيلول 2020 20:04:49

 فرضت تطورات الاحداث الاخيرة نفسها على أجندات القوى السياسية في البلد بعد تظاهرات السبت الفائت والذيول التي خلّفتها في بيروت والمناطق. وستبقى تفاصيل محطاتها وما عكسته على الارض محل متابعة حثيثة عند جميع الاطراف، اضافة الى المجموعات الناشطة في الشارع والتي تحتاج بدورها الى اجراء قراءة لخطواتها في المستقبل. واذا كانت السلطة تتكبد الخسائر، فإن الطامحين والساعين الى التغيير باتوا ايضاً تحت مجهر مراقبة اللبنانيين حيث لم يتوصلوا منذ اشهر عدة الى الاتفاق على قواسم مشتركة، ولم يتمكنوا في الحد الادنى من تقديم ورقة اصلاحية سياسية واقتصادية مدروسة.

وفي معرض تقويم ما حصل من تهديدات كادت ان تأخذ البلد الى مكان آخر واسوأ، سارعت اكثر المراجع والاحزاب الكبرى الى تشريح ما حصل. وعمل من هو ممثل في السلطة او خارجها على تطبيق اجراءات عملية وفاعلة منعا لتفاقم الامور وتدحرجها نحو مزيد من الفلتان الامني ورفض إقامة خطوط تماس بين الاحياء والمناطق.

وكان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط اول "المتحسسين" من هذه الاشارات غير المطمئنة، فسارع الى عقد لقاء مع الرئيس نبيه بري، وكان الموعد ابن ساعته بعد وقائع سبت أسود، حيث طغى هذا الموضوع على جلستهما مع تأكيدهما ضرورة احتواء التداعيات التي حصلت على الأرض، اضافة الى دخولهما في عرض عام للملفات الرئيسية في البلد. اما لقاء جنبلاط والرئيس سعد الحريري فكان متفقا عليه وقد سيطرت على اجوائه تطورات السبت ايضاً، ولا سيما ان جمهور "تيار المستقبل" او بالأحرى البيئة السنية سواء المؤيدة للحريرية او المناوئة لها كانت على تماس مباشر مع مجريات ما حدث في قلب العاصمة واكثر من منطقة. وكان تشديد بين "المستقبل" والتقدمي على ارساء التحالف الثنائي بين الطرفين. ويسجل جنبلاط هنا الجهود التي يبذلها الحريري لمنع تطور انتشار سموم الفتنة حيث تلتقي مساعيه والدور الذي يلعبه مع "الثنائي الشيعي" في هذا المجال.

وفي المناسبة، فإن الحريري يركز في الاسابيع الاخيرة على تحصين قواعده في العاصمة والمناطق، ويضع هذه المسألة في صدارة اهتمامات يومياته لأنه من دون فعل هذا الامر لا يمكنه معالجة اي طارئ على الارض مع الجهات الحزبية والسياسية في البلد. ولم يتطرق الحريري في لقاءاته مع جنبلاط وقنوات اتصالاته المفتوحة مع بري الى حركة منتديات شقيقه بهاء في البيئة السنية، لأن هذه الاطراف لا ترغب في الاساس الا بالتعاون مع الاصيل. وعند مفاتحة جهات شيعية بتحركات بهاء كان ردها أن ما يقوم به لا قيمة له ولا يعول عليه، ولن يكون له أي تأثير عند هذا المكوّن. واذا كان زعيم "المستقبل" يريد تطبيق نهج جديد في مكونه السياسي والطائفي، فإن رحلته ليست سهلة نتيجة جملة من الازمات في صفوف كوادره والتي انعكست على قواعده. ولا يفوته هنا لمّ شمل تياره مع تشديده في اجتماع في دار الفتوى امس على فائض الاعتدال عند السنّة وهو اقوى من "فائض القوة"، وانه سيحارب الفتنة بكل ما أوتي من قوة، و"لا مكان لها في لبنان" لعدم تكرار تجارب سوريا والعراق وليبيا. وكانت له وللمفتي عبد اللطيف دريان اشادات ببري ايضاً.

ولم يخفِ الحريري تطرقه الى "الخذلان" الذي تعرّض له من "العونيين" وسعيهم الى "ممارسة الكيدية والانتصارات الوهمية"، وان الامر نفسة سبق ان حصل بين والده الرئيس رفيق الحريري والرئيس اميل لحود. ولم يبدِ حماسة للعودة الى السرايا ولا يتوقع حصول لبنان على ارقام مالية كبيرة من صندوق النقد مقارنة بالتي كان سيحصل عليها البلد في مؤتمر "سيدر". وعن موافقته على قانون الانتخاب يقول: "غلطنا"، اضافة الى ذكره عدم حسن ادارة التحالفات التي حصلت، وان ثمة قدرة على تدارك تلك الاخطاء في الاستحقاق المقبل.

واذا كانت اهتمامات سائر الجهات في اجراء مجموعة من الاتصالات السريعة منعاً للوقوع في "انهيارات طائفية" لا تخدم حصيلتها أي جهة، فهي تمضي فيها سواء كانت في الموالاة او المعارضة خشية الوقوع في انهيارات اقتصادية أكبر.

وتترقب احزاب معارضة كبرى المفاوضات الدائرة بين الحكومة وصندوق النقد الدولي وما ستحمله حصيلتها. وثمة اقطاب معارضون يناقشون مع جهات في الحكومة ما ستنتهي اليه هذه المفاوضات، ولا سيما ان الحكومة لم تقدم خطة بديلة في حال وصلت الامور الى طريق مسدود مع الصندوق.

في غضون ذلك، لم تتبلور بعد حصيلة الاجتماع المالي الاخير في بعبدا برئاسة الرئيس ميشال عون وحضور الحاكم رياض سلامة حيث لا يزال التباين واضحاً بين الحكومة والحاكمية، وهذه نقطة سلبية للبنان امام بعثة الصندوق في حال عدم توحيد الارقام المالية. ويتبين ايضا ان العلاقة بين الرئيس حسان دياب وسلامة لم تنتظم بعد، ولا سيما مع تشديد الاخير في معرض كلامه في القصر الجمهوري على أن ما يقدمه يساهم في حماية اموال المودعين في المصارف، وان هذه المسؤولية ستقع على عاتق الحكومة في حال التسليم بالارقام التي تقدمها. ولا تزال هذه النقطة محل متابعة دقيقة بين الحكومة ولجنة المال والموازنة النيابية. ويقوم عضو الوفد اللبناني والمسؤول عن متابعة ملف "الاوروبوند" طلال فيصل سلمان بتقريب وجهات النظر بين مجلسي الوزراء والحاكمية والصندوق بغية التوصل الى تحديد ارقام الحسابات الفعلية بطريقة شفافة من أجل اشراك جميع الجهات المسؤولة في هذه المفاوضات وتحقيق مصلحة لبنان للخروج من حلقات مسلسله المالي والاقتصادي.

واذا ما نجح الافرقاء السياسيون في كبح جماح الانهيارات الطائفية في ما بينهم، فإن عيون الجميع لن تحيد عن جبه اخطار الانهيارات المالية المنتظرة في غياب اي خطط انقاذية للخروج من النفق.