Advertise here

إجماع سياسي لبناني على رفض الفتنة والتمسك بالوحدة الوطنية

08 حزيران 2020 07:15:00 - آخر تحديث: 08 حزيران 2020 08:16:45

أجمع المسؤولون اللبنانيون والقيادات الحزبية على رفض الحوادث الأمنية والمواجهات التي شهدتها بيروت مساء السبت، على خلفية إطلاق شعارات مذهبية استفزازية، محذرين من الانزلاق إلى الفتنة والعودة إلى مشاهد الحرب الأهلية.
واعتبر رئيس الجمهورية ميشال عون أن ما جرى هو جرس إنذار. ودان في بيان «أي تعرض للرموز الدينية لأي مكوّن من مكوّنات العائلة اللبنانية، وما تبع ذلك من أعمال عنف وردود فعل»، مؤكداً أن «مناعتنا الوطنية يستمدها بعضنا من بعض، وقوّتنا كانت وتبقى وستظل في وحدتنا الوطنية أياً كانت اختلافاتنا السياسية».
وأضاف: «أتوجه إلى ضمير كل مسؤول سياسي أو روحي، وإلى الحكماء من اللبنانيين الذين عايشوا أحداث العامين 1975 - 1976 (الحرب اللبنانية) التي ما زالت ماثلة أمامنا، القيام بما يتوجب عليهم، كلّ من موقعه، من أجل وأد أي شكل من أشكال الفتنة الناجمة عن المساس بمقدسات بعضنا الدينية والروحية والمعنوية». ودعا إلى جعل «ما جرى ليل أول من أمس (السبت)، جرس إنذار للجميع لكي يعوا أنه ليس بالتعرض لمقدسات بعضنا نحقق أي مطلب مهما كان محقاً، وليس بالشتائم نحقق عيشاً كريماً، وليس بالاعتداء على العسكريين والتعرض للمتاجر والمؤسسات نصل إلى أهدافنا، لأن أي انتكاسة أمنية إن حدثت لن تكون لمصلحة أي كان».

بدوره، اعتبر رئيس البرلمان نبيه بري أن الفتنة أشد من القتل. وقال في بيان: «هي أشد من القتل، ملعون من يوقظها، فحذار الوقوع في أتونها فهي لن تبقي ولن تذر ولن ينجو منها حتى مدبريها ومموليها».
ومع تأكيده على استنكار التطاول على المقدسات والرموز، اعتبر بري أن «كل فعل من أي جهة أتى، يستهدف وحدة اللبنانيين وأمنهم واستقرارهم وعيشهم الواحد هو فعل إسرائيلي، وأن أي صوت يروج للفتنة بين أبناء الوطن الواحد وأبناء الدين الواحد هو صوت عبري ولو نطق بلغة الضاد».
وعبّر رئيس البرلمان عن تقديره لـ«الجهود المخلصة التي بذلت من القيادات السياسية والروحية والأمنية والعسكرية على مختلف مستوياتها لقطع دابر الفتنة ووأدها في مهدها».

بدوره، كان رئيس الحكومة حسان دياب، استنكر ليل الأحد، الأحداث. وكتب على حسابه بـ«تويتر» قائلاً: «إن رئاسة الحكومة تدين وتستنكر بأشد العبارات، كل هتاف أو شعار طائفي مذهبي، وتهيب بجميع اللبنانيين وقياداتهم السياسية والروحية التحلي بالوعي والحكمة والتعاون مع الجيش والأجهزة الأمنية المكلفة حماية الاستقرار والسلم الأهلي».

وكان قد دخل مساء السبت المراجع الدينية على خط التهدئة، لا سيما السنية والشيعية، إضافة إلى حزب الله وحركة أمل، داعين الجميع إلى الابتعاد عن الفتنة.

وفي بيان لها، حذّرت دار الفتوى «جمهور المسلمين من الوقوع في فخ الفتنة المذهبية والطائفية». وأكدت «أن شتم أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها من أي شخص كائناً من كان لا يصدر إلا عن جاهل ويحتاج إلى توعية».
ودعا بدوره رئيس الحكومة السابق سعد الحريري إلى الأخذ بدعوة دار الفتوى، محذراً «جمهور المسلمين من الوقوع في فخ الفتنة المذهبية».

واستنكر رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، «المحاولات المشبوهة لإثارة الفتن المذهبية بين اللبنانيين، وضرب وحدتهم الوطنية والإسلامية، خدمة لأعداء الدين وتحقيقاً لأهداف سياسية تخدم العدو الصهيوني الذي يتربص بأمننا واستقرارنا ووحدتنا»، مديناً «أي إساءة لأي رمز ديني، من منطلق رفضنا للشتم والإساءة والتعرض لكرامة الرموز الدينية من كل الطوائف والمذاهب».

ورفض أيضاً حزب الله، ما صدر من إساءات، مؤكداً أنه «لا يعبر إطلاقاً عن القيم الأخلاقية والدينية لعامة المؤمنين والمسلمين».
وحذر في بيان له «من مسببي الفتن والمستفيدين منها، وكل أولئك الذين يروجون للفتنة ويدعون لها»، رافضاً بشكل تام كل ما يمكن أن يؤدي إلى الفرقة والاختلاف والتوتر المذهبي والطائفي والديني.

وأمس، عبّر البطريرك الماروني بشارة الراعي في عظة الأحد، عن أسفه لما جرى بالأمس بوضع هذه المطالب المشتركة جانباً، وتحويل التعبير عن الرأي بالشكل الديمقراطي إلى مواجهة بالحجارة وتحطيم المؤسسات والمحلات واستباحة ممتلكات الناس وجني عمرهم، وتشويه وجه العاصمة، والاعتداء على الجيش والقوى الأمنية التي من واجبها حماية المظاهرات السلمية.

وأضاف: «وأسفنا بالأكثر لإدخال المعتقد الديني في الانقسام السياسي وجعل هذا المعتقد وسيلة للنزاع بالأسلحة»، سائلاً: «لماذا نعطي الأسرة العربية والدولية هذه الصورة المشوهة عن لبنان؟ وهل بهذه الممارسات النزاعية نساند الحكم والحكومة في توطيد الاستقرار الضروري للنهوض من حضيضنا؟ أما من جهة المسؤولين السياسيين عندنا، فلا يحق لهم أن يحكموا بذات الذهنية والأسلوب، بعيداً عن الخط الذي يرسمه الدستور والميثاق الوطني ووثيقة اتفاق الطائف نصاً وروحاً. فكيف يمكن أن تأتينا المساعدات العربية والدولية من دون تأمين الاستقرار السياسي، وتصحيح الحوكمة، واعتماد سياسة الحياد، وشبك الأيادي وتوحيد الجهود؟».