Advertise here

تأثيرات قانون قيصر على لبنان

05 حزيران 2020 12:40:27

سيكون لقانون قيصر الأميركي تأثيرات واسعة على لبنان في مجالات متعددة، وهو بالتأكيد سيزيد الصعوبات السياسية والمالية، ويُفاقم من حدة الاختناق القائم في البلاد على الصُعُد كافة، وربما يصل الأمر من جرّاء القانون إلى شيء من الفوضى الأمنية. وهذه الفوضى التي ترفضها كل الأطراف اللبنانية، قد يلجأ إليها بعض الذين يحتمون بالسلاح، لمخالفة القوانين التي تفرضها الاتفاقيات الدولية، أو للتفلُّت من القوانين المحلية المرعية الإجراء على الحدود بين لبنان وسوريا، وحيث بوضعية الاستقرار والانتظام يمكن أن يكونوا محرَجين في ارتكاب المخالفات، لا سيّما عمليات التهريب المكشوف، كما أنهم ببعض الفوضى ينفذون من الضغط الشعبي والإعلامي الذي يحاصرهم من المعارضين، ومن ناشطي الانتفاضة.

القانون الذي حمل اسم الضابط السوري الذي فرَّ من الجيش، وحمل معه 55 ألف صورة عن عمليات تعذيب حصلت في السجون التابعة للحكومة السورية، كان قد أقرَّه الكونغرس في العام 2016، ولكن الرئيس دونالد ترامب لم يضعه قيد التنفيذ إلّا إبتداءً من أول حزيران 2020، وهو صالح حتى نهاية العام 2021. ويشمل القانون وضع عقوبات قاسية جداً بحق الذين شاركوا في تعذيب، أو قتل، المدنيين السوريين بما في ذلك الرئيس، والوزراء، والقادة العسكريين والأمنيين، وكل مَن شارك من خارج سوريا في هذا العمل، وذلك على حد ما أشارت إليه السفيرة الأميركية في لبنان، دوروثي شيا، في حديثٍ تلفزيوني.

 قانون قيصر الأميركي هو بمثابة المحنة التي ستُصيب لبنان، والتي  تضاف إلى الصعوبات غير المسبوقة التي يعيشها. وقد يؤدي هذا القانون إلى تدمير الطموحات اللبنانية بالحصول على قروضٍ ومساعداتٍ من "سيدر"، ومن صندوق النقد الدولي بالرغم من تأكيد السفيرة الأميركية شيا بأن واشنطن لا تفرض حصاراً مالياً واقتصادياً على لبنان، بل أنها تعمل على تقييد عمل المنظمات الإرهابية، ومحاصرة عمليات تبييض الأموال، وتهريب المخدرات.
كيف سيتأثر لبنان من تنفيذ قانون قيصر؟

من المؤكد أن مسؤولين، وتجاراً سوريين لديهم حسابات مالية في لبنان، وجزءٌ من الحاجات السورية الضرورية تُستورد، أو تُهرَّب، عبر لبنان إلى سوريا، وهؤلاء سيتأثرون بقوة من تنفيذ القانون، لأن مندرجاته مختلفة عن مندرجات قانون معاقبة منتهِكي حقوق الإنسان في سوريا الذي صدر عام 2012، وأهم ما جاء فيه أنه لا يستثني أحداً من العقوبات مهما كان موقعه، بما في ذلك الشركات الأجنبية، والأشخاص  الذين يتعاملون مع الحكومة السورية، وهؤلاء موجودون في لبنان بكثرة. وتشمل العقوبات عليهم توقيف صلاحية تأشيرات الدخول إلى الولايات المتحدة إذا كانوا يملكونها، وحرمانهم من الحصول عليها لاحقاً، وهذا بطبيعة الحال سيتوسع إلى الاتحاد الأوروبي لاحقاً. كما يحظر القانون عليهم القيام بأي معاملات مالية وتجارية، مما سيؤدي حكماً إلى إيقاف عملية إعادة الإعمار في سوريا، والتي كان يعوِّل عليها البعض في لبنان لأسباب نفعية، أو لتحريك عجلة اقتصاده.

وحزب الله المعني الأساسي بقانون قيصر سيحاول إنقاذ حلفائه عبر الحدود المتداخلة مع سوريا، وهو سيحاول منع سقوط النظام، الذي دافع عنه بالدم، عن طريق الاختناق الاقتصادي القاتل. لكن أوراق القوة التي يمتلكها الحزب لمواجهة القانون غير كافية، وهي أوراق ضعف في الوقت ذاته، لأن أي موقف مخالف للقانون الدولي سيتخذه الحزب سينعكس وبالاً عليه، وعلى حلفائه، وعلى الحكومة اللبنانية المحسوبة عليه. والمكابرة في إعلاء سقف خطابات التحدي لا تفيد كثيراً في هذه الحالة، والحزب يعاني من حصار خارجي وداخلي، وأمامه عدة ملفات معني بها، أو مسؤول عنها، وليس لديه الإمكانية الكافية للهروب منها، أو لمواجهتها مهما تعاظمت قوته العسكرية، ومهما ازداد منسوب نفوذه على الحكومة، لأن الحكومة ضعيفة ومعزولة، وتعاني من إخفاقٍ قلَّ مثيله في تاريخ لبنان.

وأمام الحزب تحديات تتعلق بحكم المحكمة الدولية في ملف اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وبالخروقات الحاصلة بمندرجات القرار الدولي 1559، والقرار 1701، الصادرَين عن مجلس الأمن الدولي بموجب الفصل السابع. وجمهوره يئنّ تحت الفقر المُدقع، واللبنانيون الآخرون ممتعضون من الحزب، ويتهمونه بعدم مراعاة الخصوصية اللبنانية وبتغطية فساد دوائر الحكم القائم.

هل سيختنق لبنان من قانون قيصر قبل أن تختنق سوريا؟