Advertise here

الحد الادنى للأجور تآكل ومفاوضات الصندوق معلّقة... لبنان أمام خطر انفجار كبير

04 حزيران 2020 06:10:00 - آخر تحديث: 05 حزيران 2020 08:32:48

مع الازدياد المتعاظم في أعباء الأزمة الاقتصادية والمعيشية الخانقة، والغلاء المستفحل الذي بدأ ينعكس على كافة الطبقات الاجتماعية، فإن أبواب الفرج لا تزال موصدة، بكل أسف، من جميع جوانبها. فلا أسعار صرف الدولار انخفضت مع قرار نقابة الصيارفة العودة إلى العمل بعد إضرابٍ دام شهراً كاملاً، ولا السلة الغذائية التي وعدت عبرها الحكومة بتخفيض أسعار بعض السلع الأساسية ستبصر النور قريباً، بانتظار أن يتم الاستيراد من الخارج كما قال بعض الوزراء. حتى أن زنة ربطة الخبز التي وعد وزير الاقتصاد راوول نعمه بإبقائها على حالها، قد انخفض وزنها، فيما مادة المازوت متوفرة فقط للمهربين بينما تباع للمستهلكين في لبنان بالسوق السوداء بزيادة تصل إلى ستة آلاف ليرة عن سعرها الرسمي المحدد من وزارة الطاقة. 

في ظل كل ذلك يجد اللبنانيون أنفسهم ملزمين بتأمين ما يتوفر من المواد الغذائية بأسعار خيالية مخافة ارتفاع أسعارها أكثر، ولو أن القسم الأكبر منها بدأ ينفد من الأسواق لأن استيرادها من بلد المنشأ أصبح مكلفاً جداً.

ووسط هذه المخاوف على المستقبل يعود الشارع إلى التحرك من جديد، وبعناوين مستجدة، بعضها ليست موضع إجماعٍ شعبي، لكنها تضاف إلى المطالب الاقتصادية والحياتية. 

وفي هذا السياق رأت مصادر معنية بالأزمة الاقتصادية في اتّصالٍ مع "الأنباء" أن، "لا شيء يبشّر بالخير، وأن كل ما يصدر عن مجلس الوزراء من قرارات لا يرقى إلى مستوى معالجة الواقع المؤلم الذي يعيشه اللبنانيون، وأن كل ما يحكى عن مبادراتٍ لحل الأزمة لا يعدو كونه وعوداً فارغة، وعلى ما يقول المثل الشعبي: لو بدّا تشتّي غيّمت". 

المصادر وصفت الحكومة بأنها "كثيرة الوعود قليلة التنفيذ، وهي تقوم بإلهاء الناس وإشغالهم بأمور لا علاقة لهم بها". واعتبرت المصادر أن تأجيل جلسة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي "مؤشر سلبي، قد يكون له ارتدادات صعبة على الوضعين الاقتصادي والمعيشي، ما يطرح الكثير من التساؤلات حول مستقبل هذه المفاوضات، وحول الأسباب التي جعلت إجراءات وفد الصندوق غير جاهزة للاجتماع كما جرى التبرير".

وأشارت المصادر إلى أن أسباب عدم الاجتماع، "تتجاوز التبريرات التي حالت دون عقده، وهو ما قد يظهر في الأيام المقبلة، وقد يكون بعضها مرتبطاً بشروط أو مطالب لم يتجاوب معها لبنان".

مصادر مالية قالت بدورها لـ "الأنباء" إن ما دفع وفد الصندوق الدولي إلى التأجيل، "مردّه إلى عدم التزام الحكومة بوعودها، إن لجهة معالجة التضارب بالأرقام المالية، أو لجهة عدم ارتياح إدارة الصندوق لمعالجة الأزمة النقدية، وسط مخاوف من عودة ارتفاع سعر الدولار، حيث أن سياسة الخفض التدريجي لسعر الصرف، والتي اتّبعت يوم أمس تهدف إلى جعل الذين يكدسون دولاراتهم في بيوتهم يبادرون إلى بيعها قبل أن ينخفض سعرها، وبعدها تعود أسعار الدولار للارتفاع مجدداً، وربما تصل إلى أكثر من خمسة آلاف ليرة".

في المجال نفسه رأى الوزير السابق، فادي عبود، أن احتمال حصول المعجزات لإنقاذ الوضع الاقتصادي أصبح ضئيلاً جداً. وأشار في حديثٍ لـ "الأنباء" إلى أن الحكومة لم تقم بما هو مطلوب منها لمعالجة الأزمة الإقتصادية، وسأل: "كيف يمكن للذين لا يعرفون كيف يتعاملون مع المصارف ولا يقومون بفتح الاعتمادات اللازمة للاستيراد والتصدير، أو الذين تنقصهم الخبرة في إدارة شؤون الشركات، أن يعالجوا أزمةً بحجم الأزمة التي يشهدها لبنان؟" وقال: "ليتهم يتعلمون من مصر وتركيا كيفية إدارة أزماتهما"، مستغرباً "الكلفة الباهظة في أسعار الشحن، والتخليص التي تُدفع وتحتسب بالدولار". 

ورأى عبود أن سياسة الحكومة في معالجة الأزمة، "هي سياسة فاشلة لا يمكن من خلالها أن نبني بلداً، طالما سيبقى التعامل بالدولار هو السائد". ولفت إلى أن، "الحد الأدنى للأجور بات يساوي 150 دولاراً فقط، فيما استيراد المواد الغذائية أصبح يكلّف رسوماً مضاعفة، فكيف سيكون سعرها على المستهلك؟"، مشيراً إلى ما صدر عن وزارة الاقتصاد بمنع تصدير بعض مواد التنظيف التي لها علاقة بالوقاية من فيروس كورونا رغم وجود فائض كبير منها، وذكّر "كم كان وزير الإقتصاد متشدداً بعدم السماح برفع سعر ربطة الخبز، أو تخفيض وزنها، فيما اليوم نجده قد رضخ لقرار تخفيض الوزن إلى تسعمئة غرام".

وحول رأيه في ارتفاع سعر صرف الدولار، قال عبود إن العرض والطلب هو الذي يحدّد السعر، ولا يمكن تثبيته في هذه الحالة. وأشار إلى أن كل مصرفٍ في لبنان، "فاتح على حسابه"، ويصدر التعاميم التي تناسبه على حساب المودعين.

وعن الإصلاحات المطلوبة، ردّ عبود: "لم نرَ شيئاً من الإصلاحات التي تحدّث عنها رئيس الحكومة حسان ديابن وادّعاءه أن حكومته طبّقت 97 بالمئة منها، فيما لم نلمس شيئاً منها أيضاً". وسأل: "كيف يحَارب الفساد، وإن أراد أحدهم تسجيل سيارته سيدفع ما فوقه وتحته، وإن كان لديك معاملة إدارية لا يمكن إنجازها من دون رشوة لا تقل عن مئة دولار؟"

وإزاء كل ذلك فإن مصادر نيابية لفتت من ناحيتها عبر "الأنباء" إلى أن تفاقم الأزمة "سيولد انفجاراً كبيرا لا أحد يمكنه التكهّن بنتائجه".