Advertise here

الموت يطوي صفحة المناضل المغربي عبد الرحمن اليوسفي

30 أيار 2020 11:18:29

عن عمرٍ ناهز الـ 96 عاماً، غيّب الموت صباح الجمعة، 29 أيار 2020، "سي عبد الرحمن"، السياسي المغربي، والمناضل اليساري العربي، وأحد مؤسّسي حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وأحد أبرز المعارضين السلميين للنظام الملكي في المغرب.

عبد الرحمن اليوسفي هو أحد أبرز وجوه التاريخ السياسي الحديث في المغرب العربي، وأحد المدافعين عن قضايا حقوق الإنسان، ومن رجال الدولة المشهود لهم بالنزاهة.

ولد اليوسفي في 8 آذار 1924، في مدينة طنجة (شمال المغرب)، وحاز على إجازة في القانون فضلاً عن دبلوم الدراسات العليا في العلوم السياسية، ودبلوم المعهد الدولي لحقوق الإنسان.

انخرط في سن مبكرة في العمل السياسي، وهو لا يزال في ريعان شبابه عندما كان بعمر 19 عاماً، حيث عمل سراً في صفوف المقاومة، وفي تنظيم الطبقة العمالية خلال حرب الاستقلال.
 
بعد انشقاقه عن حزب الاستقلال، شارك اليوسفي سنة 1959، في تأسيس حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، والذي غيّر اسمه إلى الاتحاد الاشتراكي لاحقاً. وتولى قيادة الحزب مطلع التسعينيات من القرن الماضي واتّسم نضاله بمعارضة نظام الملك الحسن الثاني وسياسته، وخوضه غمار المفاوضات المباشرة معه، والتي انتهت بقبوله عام 1998 المشاركة في "حكومة التناوب"، وتوليه منصب رئيس الوزراء من 4 شباط 1998 حتى 9 تشرين الأول 2002.

اشتكى اليوسفي أثناء رئاسته الحكومة من ما أسماه "جيوب مقاومة التغيير"، كما واجه حملةً قوية من التيار الإسلامي ضد مشروعه لتحديث مدوّنة الأسرة، وتعزيز حقوق المرأة، فضلاً عن صراعاتٍ داخلية أضعفت حزبه.

حاول اليوسفي من خلال تجربته تلك تحقيق الانتقال السلمي الديمقراطي في المغرب نحو نظامٍ أقرب إلى الملكية البرلمانية، وصلاحيات واسعة للحكومة التي تفوز بغالبية برلمانية. وعلى الرغم من فوز حزبه في الانتخابات عام 2002، غير أن الملك محمد السادس اختار تعيين وزير أول آخر هو إدريس جطو.

بدأ اليوسفي حياته السياسية في أربعينيات القرن الماضي في حزب الاستقلال، أهم أحزاب الحركة الوطنية بالمغرب، الذي خضع للحماية الفرنسية- الإسبانية ما بين 1912 و1956.

وشارك اليوسفي في تأسيس أولى النقابات العمالية بالدار البيضاء خلال الأربعينيات، إضافةً إلى دوره في التنسيق مع حركة المقاومة المسلحة التي برزت مطلع الخمسينيات من القرن الماضي.

غداة الاستقلال عمل اليوسفي محامياً، وتولّى رئاسة صحيفته "التحرير"، وحُكم عليه بالسجن عاماً قضى منه فترة قصيرة على خلفية افتتاحية صحيفة في 1959، ثم بالسجن غير النافذ لمدة عامين في 1963، بتهمة التآمر على الملك الحسن الثاني.

عاش في المنفى ابتداءً من 1965 حتى 1981، حيث لعب دوراً بارزاً في محاكمة المتهمين باختطاف رفيقه المهدي بن بركة في فرنسا، وتولى مسؤولية الإشراف على العلاقات الخارجية للحزب، وفي عام 1975 ساهم في تبنّي الحزب خيار النضال الديمقراطي، متخلياً عن أي خيارٍ آخر.

اشتهر اليوسفي بدوره في الأممية الاشتراكية، وفي الدفاع عن حقوق الإنسان مشاركاً في تأسيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، وكان كذلك مدافعاً عن المساواة بين الجنسين.

حظي في السنوات الأخيرة بتكريمٍ من الملك محمد السادس الذي دشّن في 2016 شارعاً باسمه في طنجة.