Advertise here

كلمة ورسالة محبة إلى الدكتور عادل أبو عاصي

26 أيار 2020 10:27:56

أسبوعٌ على الغياب، ولم يزل حاضراً في البال... وإن كان وقع الرحيل صعباً وقاسياً، لكنّها مشيئة اللّه وإرادته. فالموت حقٌ، والشهادة واجب، والراحل رجلٌ استثنائي في أثره العلمي، والروحي، والإنساني. هذا الأثر يبقى مدى الزمن في الذاكرة والوجدان لمحبيه وعارفيه... فالدكتور عادل أبو عاصي، مكرمٌ بمسيرته ومآثره الغنيّة والمتنوّعة في شتّى ميادين ومناحي الحياة.

فهو مكرمٌ ومقدّرٌ بثقافته، وعطائه، وتفانيه، وإنسانيته، وهو الذي ارتكز في كل حياته، وجهاده، وصراعه في الحياة، على قيمِ الأخلاق، والمحبة، والمروءة، وكلّل مسيرته العلمية والإنسانية ورسالته الطبيّة بأسمى معاني وتجليات الحب، والإخلاص، والتواضع، فهو بذاته تكوينٌ ثقافيٌ، علميٌ، وتوحيدي ثريٌ ومتنوع.

فالدكتور عادل أبو عاصي آمن بالإنسان غايةً، وبالصراع الدائم في هذه الحياة من أجل خير الإنسان، وسعادته، وفرحه ورقيّه. فكانت مسيرة حياته مآثر وبطولات، ومواقف، وصفحاتٍ مختزنة بالتضحية، والنبل، والمروءة، والفروسية. صُقلت فيه شخصية إنسانية جليلة القدر، شامخةٌ بالعزة والعنفوان، والإخلاص، مفعمةٌ بخصائل وشمائل التوحيد، والعزّة، والعلم والأخلاق، فكان موقعه دائماً في كل مراحل ومحطات مسيرته العلمية، والاجتماعية، والإنسانية، والتي ارتكزت بعمق على سعة المعرفة، واكتناز الخبرة، والمعرفة، والعمل، ليتبوأ مكانةً في الصدارة، والنُخب المؤثّرة في المجتمع... وهو بكل ذلك يعمل بصمتٍ وبإخلاصٍ، وإنكار الذات... ساعياً بعلمه إلى تحقيق كماله وفضيلته، وبالصدق الدائم في القلب، والعقل، والعمل. إنه باختصار فيلسوف الطب.

وفي عيادته علّق لوحةً لطفل وكأنها مرآة لشخصه، وعنوانها "الأولويات"، وتشير إلى، "بعد مئة عام من الآن لا يهمّ ما كان حسابي المصرفي، أو نوع المنزل الذي عشتُ فيه، أو نوع السيّارة التي قدتها... لكنّ العالم قد يكون مغايراً لأني كنتُ مهماً في حياة طفل".

وفي ذكرى أسبوعٍ على رحيله أغمس القلم في الغياب والحضور، لأرسم ملامح فارقة للدكتور عادل أبو عاصي تتمثل في صورة مثالٍ، وصديقٍ صدوق، محبٍ للمعرفة، ومثقفٍ صوفيٍ في مسلك توحيدٍ عرفاني، ومناضلٍ منحازٍ إلى قضايا شعبه وآلام المعذبين... فقلّما دخلتُ عيادته ولم أرَ كتاباً فوق طاولته في الطب، أو التصوّف، أو التوحيد، أو الفكر الإنساني ينهل منه. هذه هي الملامح المشرقة فيه، والتي تبقى حاضرةً وخالدةً في ذاكرتنا وضميرنا، لأنه عندما يلفّ الموت صديقاً محباً نشعر بمرارة الخسارة في رحلة الموت، ولكنه يبقى ماثلاً وحاضراً في أعماق وذاكرة محبّيه وعارفيه.

رحمة اللّه عليك دكتور عادل أبو عاصي، وستبقى قدوةً ومثالاً في الضمير والذاكرة... الوداع... هذا هو القدر، وهذه هي حدوده على شاشة الحياة... والرحمة لمن يموت على الحق والصدق والإيمان. هنيئاً لك، لأنّك متَّ لتحيا، وتستمر حاضراً، ومحباً وصادقاً.

*هذه الصفحة مخصّصة لنشر الآراء والمقالات الواردة إلى جريدة "الأنبـاء".