Advertise here

ماذا ينتظرنا بعد؟

21 أيار 2020 09:30:00 - آخر تحديث: 21 أيار 2020 13:37:08

عندما يُبدعُ القلمُ على صفحاتِ الورقِ، تتكوّنُ الكلماتُ من رقيِّ الفكرِ بصورةٍ منْ هالةِ العقلِ الباطن الذي يرسلُ طرقاً إبداعيةً مِنَ الخالقِ تتجسّدُ بالفكرِ، ويبدعُ بها العقلُ في صورةٍ حيةٍ تتجسّدُ إمّا في حروفٍ، أو في عملٍ إبداعيٍ على أرضِ الواقع. 

وعندما يجتمعُ الحقُّ في عدالةِ الكونِ، سيكونُ مرتقياً في أمجادِ العلى، مسيطراً على مكوّناتِ الحقيقةِ، مرتسماً في شغفِ الشخصِ الواحد بإصرارهِ على تحقيقِ هدفهِ، وطريقةَ تفكيرهِ في المجتمعْ. 

فكمْ من فلاسفَةٍ فشلوا في مراحل عدة. ولكنْ مع كلِّ وقعةٍ نهوضٌ وعزمٌ، وإصرارٌ، في تبلورِ الصورةِ الراسخةِ، وجعلها حقيقةً في عالَمهمْ، الأدب والفكر، هكذا نتوصّلُ إلى النجاحْ. 

وكمْ من مخترعٍ أبدعَ في اختراعاتهِ، مع العلمِ أن المخترعين لم يتعلموا يوماً واحداً في مدرسة، ولكنْ عندما يُبدعُ العقلُ مجدداً تنسابُ الأفكارُ، فتظهرُ تلكَ الأفكارُ عالماً جديداً في واقعِ الحياة. 

وكم ْمن شاعرٍ كتبَ وأبدعَ قلمهُ على الورقِ، وفي تلاوةِ أفكارهِ، والناسُ مندهشةٌ بما تسمَع. فهُنا الفكرُ قدْ نُسِجَ من حنينِ المشاعرِ والأحاسيسْ، ولامَس بقلمٍ سيالَ الورقَ الأبيضْ، فأبدعَ في انسيابِ الأبياتِ، وتناثرت القصائدُ في ربوعِ القرّاءْ.

وعندما يغفو الضميرُ على وسادةِ الخرابِ والحقدِ والتدميرْ، يستفيقُ في نهايةِ المطافِ على بلدٍ منكسرٍ مدمّر، ويكونُ الوقتُ قد مضى لإصلاحِ ما تبقّى من جزيئاتِ وفتيتاتِ وطن.

وهُنَا نكونُ أمامَ تراجُعٍ للواقعِ وللحال،  ونكونَ أمامَ خيار، إما النهوضُ واستكمال ما تبقّى، أو الموتُ المحتّمْ. 

وهنا القرارُ يعودُ لأصحابِ الضمائرِ، وأصحابِ الوجدانياتِ المنثورة هنا وهناكْ، وعندما يستيقظُ العقلُ من غيبوبتهِ يصحو الضميرُ الميتُ بدقاتِ القلب، وبنزف الشرايينِ، حتى يخبطُ الجسدُ في عراكِ الأنا. هنا تكونُ الروحُ قد عادتْ بعد صدمةٍ من العراكِ الداخليِّ المزدوج، والروحُ المُتمرّدةُ في صراعِ الواقعِ والحياةِ المنعزلةِ ضمنَ جدرانِ الزمنْ. 

معلّمي، لبنانُ الذي أحببتَه، وناضلتَ لجعل أبنائه أحراراً سعداء، هو اليوم مشرذمٌ مقسٌّم أصبحت السياسةُ فيه وجعاً حين يمسك بالسلطة جاهلٌ، وأصبحت فيه الآمال عدماً حين يكون المسؤول نائماً، وأصبحت فيه الطموحاتُ ميتةً لأن الثقافة فيه احتكار . 

حلمكَ معلّمي بشباب الغد، لكن حكّام اليوم دمّروا طموحات وآمال شباب الغد. 

وماذا ينتظرنا بعد، حتى جاءنا فيروسٌ يفتك بالبشر وهم لا يشعرون بقَدَر اللّه. حكّام اللّه يعلمون مِن أي نوعٍ هم، والربُّ أخبرُ بمحاسبتهم، وإنقاذ البلد. وحين يحين الوقت، هل سيعصفون بقدرة اللّه، ويحاربونها كما حاربوا البشر؟ 

معلّمي، طال ارتحالُكَ ما عوّدتنا سفرا، أبا المساكينِ فارجِع، نحن ننتظرُ.

 

*هذه الصفحة مخصّصة لنشر الآراء والمقالات الواردة إلى جريدة "الأنبـاء"