Advertise here

الحكومة والمصارف كباشٌ يتعاظم .. وبري يدعو إلى الحكمة

17 أيار 2020 05:36:22

الكباش القائم على جبهة الحكومة والمصارف على خلفية التلويح بتخفيض عدد المصارف إلى النصف وتحميلها مسؤولية الأزمة النقدية التي تشهدها البلاد منذ 6 أشهر، لم تنته فصوله بعد، وفيما المصارف ترفض رفضًا قاطعاً رمي كرة النار عليها، لا تزال الحكومة غير قادرة على تحقيق اختراق حقيقي في معالجة ما يتراكم امامها، وهي لذلك لا تزال تبحث عن كبش فداء، بينما ازمات المواطنين تتفاقم كل يوم.

وقد كشفت مصادر مصرفية عبر "الأنباء" أسباب هذه الأزمة المستمرة منذ أواخر العام 2010 والهدر المدقع في قطاع الكهرباء وحده الذي كلّف الدولة حتى نهاية العام 2019 نحو 46 مليار دولار، يضاف إليه الفوائد المستحقة ليصبح المجموع 56 مليارا، أي اكثر من نصف قيمة الدين العام.

كما لفتت المصادر المصرفية إلى أن العديد من السلع كان يتم استيرادها الى لبنان بحجة حاجة السوق اللبناني اليها، ويهرَّب القسم الأكبر منها الى خارج الحدود، مستغربة ان "تلجأ الحكومة في مواجهة هذا الواقع الى محاولة خفض عدد المصارف الى النصف، في سابقة لم يشهدها لبنان منذ بداية الخمسينات حين تحوّل لبنان إلى مصرف العالم العربي واستقطب كل الودائع المالية العربية، وخاصة بعد حربي 1967 و1973 التي كانت تسمى بالمرحلة الذهبية في تاريخ هذا البلد، وحتى في ظل الحرب الأهلية لم تتوقف المصارف عن دفع ما يتوجب عليها للدولة اللبنانية لتبقى صامدة، وخاصة بعد الاجتياح الاسرائيلي في العام 1982 مروراً بحربي الالغاء والتحرير ومرحلة ما بعد اتفاق الطائف والاعتداءات الاسرائيلية المتكررة".

المصادر المصرفية إذ أعلنت معارضتها للعديد من بنود الخطة الاقتصادية "لأنها لا تستند الى دراسة علمية دقيقة وواقعية وكل ما يراد منها ليس سوى التشفي وتحميلها مسؤولية الكارثة الاقتصادية"، ذكّرت بتدخل مصرف لبنان مراراً لمنع ارتفاع سعر الدولار "يوم كان هناك عصابات مافياوية تعمل على سحب الدولارات من الصرافين وتحويله الى الخارج".

واستغربت المصادر المصرفية ان تضمّن الحكومة خطتها الاقتصادية إنشاء 5 مصارف جديدة فيما هي الآن تريد خفص عددها، متمنية لو تفصح للحكومة للرأي العام عن هذه المصارف ولمن تعود ملكيتها وكيف سيتأمن رأسمالها. وسألت المصادر: "ماذا سيكون مصير 220 ألف موظف في القطاع المصرفي في حال تم الاقدام على تنفيذ حرب الالغاء ضد المصارف عبر خفض عددها؟". 

على صعيد آخر، علمت "الأنباء" من مصادر مطلعة ان اتصالات بقيت بعيدة عن الأضواء جرت مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لإقناعه بالمشاركة مع الوفد اللبناني في جلسة المفاوضات التالية التي ستعقد مع ممثلي صندوق النقد الدولي يوم الاثنين، وقد وافق سلامة على الحضور او ارسال من ينوب عنه شرط إخلاء سبيل رئيس العمليات المالية في المصرف المركزي مازن حمدان بعد احالته الى قاضي التحقيق من قبل المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم، مقابل العدول عن الاضراب المفتوح الذي كان مقررا من قبل موظفي مصرف لبنان ابتداء من يوم الثلاثاء.

من جهتها، مصادر تيار المستقبل علّقت عبر "الأنباء" على طرح الحكومة بتخفيض عدد المصارف بالقول: "إن الأزمة المالية والاقتصادية لا يمكن حلّها بالنظريات الخنفشارية، إذ كان يُفترض بالحكومة أن تقدّم خطة إنقاذ لا لبس فيها ولا غموض، ولكن مع الأسف هذه الحكومة التي لا تستطيع مواجهة الذباب والصراصير فكيف لها أن تحل أزمة كبيرة بحجم الأزمة التي يشهدها لبنان".

مصادر "المستقبل" رفضت تحويل القطاع المصرفي الى "قطاع موجّه"، وقبل ان تسعى الحكومة الى ذلك "عليها ضبط التهريب وإقفال المعابر غير الشرعية واسترجاع مليارات الدولارات المهربة الى سوريا، عدا عن المازوت والطحين"، معتبرة ان ثورة الجياع باتت على الأبواب. وطالبت المصادر بخطة جدية تحمي أموال المودعين بدل التلويح بالهايركات. 

بدورها، جددت مصادر عين التينة في اتصال مع "الأنباء" تمسك رئيس المجلس نبيه بري بحماية أموال المودعين، وأكدت ان "الودائع بالنسبة اليه خط أحمر ولن يقبل المساس بها إطلاقاً".

مصادر بري ناشدت الحكومة اعتماد الحكمة في مقاربتها الملف المالي لما يشكله من حساسية بالنسبة للمواطنين، مطالبة اياها بسياسة مالية واضحة وعدم التفلت في سعر الدولار الذي ينعكس ارتفاعا جنونيا في اسعار المواد الغذائية كما يشجع على الاحتكار.

ورأت المصادر بالمفاوضات مع صندوق النقد "خطوة جدية على طريق معالجة الأزمة لأن الناس اكتوت بنار الغلاء والمطلوب حل سريع لهذه المشكلة".

وفي الشأن الصحي، وبعد تأكيد وزير الصحة حمد حسن بأن وباء كورونا لا زال في مرحلة الاحتواء ولم نصل بعد الى تفشي مجتمعي، توقعت مصادر صحية عبر "الأنباء" انه على ضوء ما قد يصدر عن اللجنة الصحية بشأن كورونا سيتقرر في الاجتماع الذي تعقده خلية الأزمة في السراي الحكومي برئاسة رئيس مجلس الوزراء حسان دياب تمديد اقفال البلد او الاتجاه الى رفع الحظر تدريجيا والسماح للمؤسسات بإعادة العمل وفق البرنامج الذي تعده الحكومة مع الإبقاء على التقيد بالمفرد والمزدوج لحركة السيارات، وإلزام المواطنين بوضع الكمامات تحت طائلة المسؤولية، وفي حال اتُفق على اتخاذ القرار بتمديد الاقفال فقد يكون حتى نهاية الأسبوع المقبل.