Advertise here

تجاوب من "صندوق النقد"... فهل يتوصّل إلى اتفاق مع لبنان؟

09 أيار 2020 07:33:00 - آخر تحديث: 05 أيلول 2020 22:48:45

يدخل اقتصاد لبنان مرحلة جديدة، بدءاً من الأسبوع المقبل، مع انطلاق المفاوضات المباشرة مع مسؤولي صندوق النقد الدولي الهادفة إلى عقد اتفاق برنامج تمويل بقيمة 10 مليارات دولار، توازياً مع الشروع بتنفيذ خطة «التعافي المالي والاقتصادي» التي أقرتها الحكومة، والتي سيتم اعتماد صيغتها النهائية في ضوء ملاحظات المؤسسة الدولية والمرجعيات والجهات المحلية المعنية بالتشريع والتنفيذ وإدارة النقد والمصارف على مدار السنوات الخمس المقبلة.

وأدت الاستجابة الأولية لإدارة الصندوق، التي عبرت عنها رئيسته كريستالينا جورجيفا خلال اتصال هاتفي مع رئيس الحكومة حسان دياب، أبلغته فيه أن الخطة «خطوة مهمة إلى الأمام»، إلى إشاعة أجواء متفائلة بإمكانية تسريع الوصول إلى اتفاق، والحصول على شريحة الدعم الأولى المقدرة بنحو 3 مليارات دولار قبل نهاية العام الحالي، مما يخفف جزئياً من نقص العملات الأجنبية والأعباء الثقيلة على الاحتياطات القابلة للاستخدام لدى البنك المركزي.

لكن هذه الطموحات تصطدم بقدرة الدولة اللبنانية على الالتزام بالبرنامج الإصلاحي الشامل، في ضوء التجارب غير المشجعة التي اختبرها المجتمع الدولي سابقاً. ويؤكد مسؤول مالي لـ«الشرق الأوسط» أن على السلطات اللبنانية أن تدرك أن التعاقد مع الصندوق يختلف عن التعاملات السابقة مع الدول والمؤسسات المانحة التي لبت طلبات الإعانات والدعم في مؤتمرات باريس الثلاثة. فالصندوق يؤمن التمويل على دفعات، ربطاً بمدى تقدم الحكومة بتنفيذ البرنامج الذي يرسو عليه الاتفاق الثنائي.

وتبرز أسئلة جوهرية يرتقب أن يطرحها وفد الصندوق الذي يتوقع وصوله إلى بيروت منتصف الأسبوع المقبل، وفقاً للمعطيات التي توفرت لجهات محلية تتواصل مباشرة مع المؤسسة المالية الدولية، ويرجح أن تحوز التغطية التشريعية والقانونية الخاصة بتغطية الفجوة المالية وبالإصلاحات الإدارية والمالية أولوية الاهتمام والمتابعة من قبل مسؤولي الصندوق. وسيجري التقصي عن مدى استجابة المجلس النيابي وكتله الرئيسية لإقرار القوانين التي سترد تباعاً من الحكومة. كما سيتم التركيز على دور القطاع المالي، وخصوصاً السلطة النقدية والجهاز المصرفي، وتفاعلهما السلبي حتى الآن مع المعادلة المقترحة لتوزيع الخسائر.

ويتوقع أن تكون قضية «تعويم» سعر صرف الليرة ضمن قائمة الأولويات التي سيطرحها مسؤولو الصندوق، في ظل تلاشي إمكانات البنك المركزي للحفاظ على سياسة الاستقرار النقدي التي اعتمدت سعراً ثابتاً للدولار منذ نحو 25 عاماً. كما يتوقع أن تكون قضية «تعويم» سعر صرف الليرة ضمن قائمة الأولويات التي سيطرحها مسؤولو الصندوق.

كما تمثل إعادة هيكلة القطاع العام العقبة الأكثر تعقيداً في خريطة الطريق الإصلاحية ضمن اتفاقية الدولة والصندوق. وثمة معلومات مسبقة بأن مسؤولي الصندوق قد يتخلون عن طلب الشروع فوراً بتحجيم هذا القطاع الذي يربو على 350 ألف موظف ومتعاقد، وكلفته التي تسيطر على نحو 40 في المائة من الموازنة العامة، ونحو 73 في المائة من الإنفاق الأولي، لقاء النظر سريعاً بإعادة النظر بنظام التقاعد ونهاية الخدمة.

أما على جانب القطاع المالي، فقد برز الموقف الصريح الذي أعلنه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بعدم مشاركة السلطة النقدية في إعداد الخطة الحكومية، وهو الأمر الذي سيثير تساؤلات إضافية بشأن انسجام الأطراف الموكلة بتنفيذ الآليات المالية والنقدية للخطة، فيما تعكف جمعية المصارف على إنجاز خطة بديلة، تنشد أن تلقى تأييداً من قبل أعضاء وكتل في المجلس النيابي، كما ستسلمها إلى مسؤولي الصندوق خلال الاجتماع بهم في بيروت، أو ترسلها مباشرة إلى الإدارة المركزية للمؤسسة في واشنطن.

وبحسب محاور أساسية اطلعت عليها «الشرق الأوسط»، تركز جمعية المصارف على وصف خطة الحكومة بأنها ليست اقتصادية، بل محاسبية، وهي بصيغتها الحالية «غير دستورية، وستنتج تحديات قانونية من شأنها أن تؤدي إلى أحكام قضائية تحجب جوانب حاسمة فيها. وبالتالي لا يمكن تنفيذ خطة مشكوك فيها قانونياً بأي طريقة ممكنة»، فضلاً عن عدم دستورية المسّ بالملكية الفردية. كما تشدد على أن «البنك المركزي هو ملك للدولة، مع استقلاليته، وهو مصرف الدولة ويجب عليها إعادة رسملته. فلا يوجد في كل دول العالم الأعضاء في صندوق النقد الدولي أي سابقة لإعادة رسملة البنك المركزي من قبل المصارف أو المودعين فيها».

وتلفت إلى أن المصارف «أصرت لدى مصرف لبنان، ولدى وزير المالية، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، على تشريع القيود، ورفضوا جميعاً ذلك. واليوم، تطلب الخطة استعادة الأموال الخارجة. بينما، ولجهة توزيع الخسائر المحققة التي تبلغ نحو 105 مليارات دولار، تكشف ملاحظات جمعية المصارف عن أن العبء الأكبر سيقع على المودعين من الشريحة التي تزيد مدخراتها عن 500 ألف دولار. فقد تم تحميل البنك المركزي نحو 15 مليار دولار، وتحميل المصارف نحو 23 مليار دولار، عبر شطب رساميلها، مما يثير المخاوف من عملية اقتطاع كبيرة (Haircut) يمكن أن تصل إلى 77 في المائة من الودائع الكبيرة، في حال تنصل الدولة من سداد ديونها البالغة نحو 93 مليار دولار».