Advertise here

كرم الوطنية

08 أيار 2020 11:05:00 - آخر تحديث: 08 أيار 2020 12:24:40

بعد حربٍ أليمة استغرقت 15 عاماً، كان أول من بادر بوقف الحرب، وكان أول من مدّ يده لبناء الدولة، والذهاب إلى الطائف. 

بعد تاريخٍ مجيدٍ سطّرت ملاحمه الشهداء والجرحى من هنا وهناك، كان أول من قدّم الانتصارات، وتخلّى عن الحسابات الفئوية الضيّقة في سبيل قيامة الوطن لجميع أبنائه، ودرب بناء الدولة بجيشها وسيادتها، وبأركان مؤسّساتها. 

كان أول من خاصم، وكان أول من هادن. كان أول من مدّ يده للصلح والألفة، وبهما تمّت المصالحة التاريخية، وعاد المهجّرون إلى ربوع قراهم، وأصبح الجبل ملاذاً آمناً لجميع أبنائه على مختلف طوائفهم وانتمائاتهم.

تشبّث بالمصالحة، وسلك درب الوطنية، وجعل من دار المختارة، دار العزّة والوطنية، مكاناً يقصده المواطنون لحلّ مشاكلهم وهمومهم، وسبيلاً للطوائف للتلاقي والعيش المشترك. 

قدّم الكبير والصغير لقيام لبنان بلداً آمناً لأبنائه، وضحّى بالكثير والقليل، ولم يطلب شيئاً إلّا المصالحة. لم يفرّق بين قريبٍ وبعيد، ولم يفضّل طائفة وأخرى. وكان، ولا يزال، صلة الوصل بين الناس والحكام، وبين الرؤساء والطوائف.

تزعجه المشاكل والضجيج دون جدوى. تزعجه النعرات الطائفية وسياسة نبش القبور. ويعلمُ جيّداً كيف يخاصم ويخاصم بكرامة، كما يعلم كيف يهادن ويهادن بكرامة. يذهب إلى المستحيلات لأجل لبنان رافعاً شعار "لبنان يستحق النضال لأجله"، ولم يبخل يوماً في الإنسانية والنضال. يذهب حيث لا يجرؤ الآخرون، ويخرج منتصراً في كل مكانٍ وزمان. لا يهاب الأيادي السوداء، ولا يخاف سياسات التخوين والتنكيل، فنفسه وكرامته تبقيان كبيرتان، ولا مساومة على ذلك، ومنها لا يأبه لشيء سوى لبنان وشعبه، سوى البلاد ومقوّماتها.

إنه وليد جنبلاط، رجل الصلح والدولة، الذي يضرب ضربته متمسكاً بالمصالحة على درب الوطنية لقيام لبنان بلداً حراً، سيّداً، مستقلاً بشعبه، واحداً موحداً. إنه وليد جنبلاط الذي تجلّت بنفسه "كرم الوطنية".

*هذه الصفحة مخصّصة لنشر الآراء والمقالات الواردة إلى جريدة "الأنبـاء".