Advertise here

توقّعات بفوزها بالثقة... البرلمان يصوّت لحكومة الكاظمي

06 أيار 2020 10:03:00 - آخر تحديث: 06 أيار 2020 10:06:59

اتّفق رئيس البرلمان العراقي، ورئيس الحكومة المكلّف، على عقد جلسة برلمانية استثنائية مساء الأربعاء (6 أيار) للتصويت على التشكيلة الحكومية الجديدة، حيث من المتوقّع أن تنال حكومة الكاظمي ثقةَ غالبية أعضاء المجلس، على الرغم من الانقسامات الحادة بين القوى السياسية، لا سيّما تلك التي اتفقت على ترشيحه لتشكيل الحكومة.
 
لقد حقّق المكلَّف مصطفى الكاظمي، بموازاة ضغط الشارع المؤيّد له، تقدماً كبيراً في مفاوضاته مع الكتل السياسية، والتي أجراها حول تشكيل الحكومة، وتوزيع الحقائب، وتسمية الشخصيات المرجّح تولّيها، بعد أن اتّفق مع مرجعية النجف الأشرف على استبعاد تكليف أي من الشخصيات الحليفة لطهران في المناصب الأمنية الحسّاسة، وذلك في الوقت الذي فشلت فيه إيران باستمالة الكتلة الكردية إلى جانبها، وفق ما أفاد به مصدرٌ مقرّب من مفاوضات الكتل السياسية العراقية في اتصالٍ مع "الأنباء"، حيث كانت طهران، "تعوّل على ورقتَي النجف والأكراد لإفشال مفاوضات تشكيل الحكومة".
وأوضحت المصادر أن القيادات الكردية، "تلقّت تطمينات دولية، وأخرى داخلية من المرجعية الدينية في النجف، حول التزامها استقلال العملية السياسية العراقية عن إيران تلبيةً لمطالب المتظاهرين، و هو ما تسبّب بميل الكرد إلى محور المرجعية النجفية، وبالتالي تغيير توزيع مراكز القوى في الساحة السياسية العراقية بعيداً عن إيران".
كما تمكّنت المرجعية النجفية من، "فصل قوات الحشد التابعة لها عن تلك الموالية لمرجعية إيران، وذلك بعد أن جرى الاتّفاق على أن لا يقبل الكاظمي التفاوض مع الكتل السياسية على تسمية وزيرَي الدفاع والداخلية في تشكيلاته الوزارية، الأمر الذي أغضب القوى المقرّبة من إيران إلى حدٍ كبير".
وكشفت المصادر أنّ، "رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي، رشّح صهره، ياسر صخيل، لوزارة الداخلية، لكن الكاظمي رفض التفاوض بشأنه، الأمر الذي أدى إلى غضب المالكي وتصدّره حملةً إعلامية واسعة ضد الكاظمي".
وكانت 5 قوى وكتل عراقية قد أعلنت معارضتها للتشكيلة الحكومية المقترحة، وعدم منحها الثقة، وهي ائتلاف دولة القانون بقيادة نوري المالكي، 26 نائباً، وائتلاف الوطنية بزعامة أياد علاوي، 21 نائباً، وجبهة الإنقاذ والتنمية بقيادة النجيفي، 11 نائباً، وكتلة الحلّ السنّية، 14 نائباً، والنواب التركمان، 8 مقاعد، فيما ستصوّت لمصلحة الثقة الكتل السياسية التالية: الحكمة وسائرون بزعامة مقتدى الصدر، والفتح بزعامة هادي العامري، والنصر بقيادة حيدر العبادي، وتحالف القوى السنّية بقيادة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، إضافة إلى القوى الكردية بقيادة الحزبَين الرئيسيَّين، وبالتالي يضمن الكاظمي حصول حكومته على أصوات حوالي 200 نائباً من أصل 329 نائباً هم مجموع النوّاب.

في سياقٍ متصل، وتعليقاً على الظهور المريب لتنظيم "داعش" في لحظة تقدّم مفاوضات تشكيل الحكومة، أكّدت مصادر أمنية عراقية، "أن إيران، وبالتنسيق مع الميليشيات التابعة لها في سوريا، تولّت تحريك خلايا من "داعش" عبر سوريا إلى العراق، وبتسليحٍ إيراني لإلهاء القوات العراقية، وتحويل الأنظار عن سياقات تشكيل الحكومة، وتسليط الضوء على مهمة تصدّي إحدى فصائل الحشد الشعبي للجماعات الارهابية، وتوفير الدعم والتسليح لها، لكي يكون الحشد صاحب القرار الأمني في العراق، والتقليل من الاعتماد على القوات المسلّحة التقليدية، في الوقت الذي أعلن فيه الكاظمي نيّته حصر السلاح بيد القوات الحكومية.
 
تسريبات المصادر، أكّدتها اللجنة المنظّمة لمظاهرات ثورة تشرين، وذلك في بيانها الصادر في 4 أيار، والذي أشار إلى أن "تنشيط داعش في العراق من جديد هو مخطّط نظام الملالي في إيران لتهميش ثورة الشعب العراقي". وحمّلت اللجنة،  "الحكومة، وأحزابها الفاسدة، وبرلمانها، ورئاسة الجمهورية، المسؤولية الكاملة عن استمرار إراقة الدم العراقي، بسبب فشلها في بناء المؤسّسة العسكرية والأمنية وإضعافها".
وكانت قد خرجت تظاهرات ليلية في العديد من المحافظات العراقية للتعبير عن رفض المتظاهرين لمواقف القوى السياسية المعرقِلة لتشكيل الحكومة الجديدة، وحيث رفع المتظاهرون شعاراتٍ مندّدة بتلك القوى التي قالوا إن هدفها الرئيس هو انتزاع حصص وزارية، متوعّدين بالتحضير لمسيرةٍ حاشدةٍ قريباً صوب المنطقة الخضراء في بغداد، في العاشر من أيار الجاري، دعماً لحكومة الكاظمي.

ويبقى السؤال حول ما إذا كان الكاظمي قادراً فعلاً على إخراج العراق، ليس من نفق الفراغ الحكومي فحسب، بل من تبعات الأزمة الاقتصادية والصحيّة التي تضربه. 
فالكثير من المتابعين يرون أن الكاظمي يتمتع بشخصيةٍ حياديةٍ، ومشهود لها بنزاهتها المهنية، وهو معروفٌ لدى العراقيين والأميركيين بأنه ذو كفاءةٍ عاليةٍ، وغير متحزب، ونجح في تحييد جهاز المخابرات العراقية عن التسيس إبّان توليه إدارته. غير أن البعض يشكّك بقدرة أي من الشخصيات العراقية على إنقاذ العراق من محنته اليوم، ليس لفساد طبقته السياسية فحسب، بل لعمق الأزمات المتراكمة اقتصادياً واجتماعياً، ولتزامن انتشار جائحة كورونا مع انهيار أسعار النفط في الأسواق العالمية، حيث أن عائدات النفط تسهم في تمويل قرابة 95 % من إجمالي الإنفاق في الموازنة السنوية.
لكن بعض نواب البرلمان العراقي، يراهن على سجل الكاظمي الحافل في العلاقات الدولية، وروابطه المتينة مع الولايات المتحدة والسعودية، حيث يتوقع هؤلاء أن تحمل جعبته عدداً من الوعود الدولية، يتقدمها إعفاء جزئي للعراق من الالتزام باتفاق "أوبك+" (تخفيض الإنتاج مليون برميل)، فضلاً عن إعانات مالية وعينية في مجالات الطاقة والصحة والكهرباء.