Advertise here

المرأة مرآة المجتمع

06 أيار 2020 06:00:00

المرأة هي مرآة المجتمع، ومدرسة الأجيال الصاعدة. هي كتلةٌ من المشاعر المختلطة كالخلية القائمة على الرفق والحنان، والعطاء، والقوة، والصبر، وتحمّل المسؤولية.

هي روح الحياة، وأساس البنيان. هي الأم، والأخت، والابنة، والزوجة. إلّا أنها، وللأسف، باتت تتعرّض إلى أشدّ أنواع التعنيف، والقهر، من قبل الشريك المعاشِر. وبدت الأرقام المتعلّقة بانتشار العنف ضد المرأة تُجهد الأذهان، وهي بارتفاعٍ متواصل من بلدٍ لآخر حول العالم.

ووصلت ذروة هذا العنف في الآونة الأخيرة إلى لبنان. والتعنيف ضد المرأة لا يعرف ثقافةً، أو ديانةً، أو بلداً، أو طبقةً اجتماعية خاصة، بل هو ظاهرة عامة.

يُمارَس هذا السلوك ضد المرأة مدفوعاً بالتعصّب الجنسي لدى الرجل، ويشملُ التهديد بالاعتداء أو الضغط.

إن العوامل الاجتماعية هي من أبرز العوامل التي تدفع الرجل لارتكاب العنف ضد المرأة، وكذلك تدنّي مستوى التعليم، وتفشّي الجهل بين أفراد المجتمع. إن مرتكب التعنيف منذ الصغر سرعان ما يظهر في سلوكه العدواني في المستقبل، سواءً في الإدمان على الكحول، أو المخدرات. وبما أن المرأة عضوٌ فاعلٌ في المجتمع، فكيف لهذا الكيان المهشّم أن يستقيم، ولا ينعكس سلباً على محيطها وأطفالها؟

ويحدث هذا إرادياً في الانطواء، وعدم المشاركة، وعدم استثمار قدراتها وطاقاتها في النمو الاقتصادي وبناء المجتمع، عدا تكبّد أسرة الضحية أعباءً إضافية نتيجة العلاجات التي ستخضع الضحية لها.

وأكّدت هيئة الأمم المتحدة أن 1 من 3 نساء في العالم تتعرض للتعنيف الجسدي، أو الجنسي، على الأقل. وبلغت نسبة العنف 70??، منهن 73?? هنّ من نساء العالم العربي... وهي نسبةٌ مخيفةٌ جداً. وإبّان كلّ ما أتى ذكره فإن حملات وقف العنف ضد المرأة تلعبُ دوراً جباراً في حماية المرأة. وقد أطلقت هذه الحملات العديد من المنظمات العالمية المعنيّة بالدفاع عن حقوق المرأة (ومن أبرزها منظمة "كفى")، كما عملت الجمعية العامة على التوعية، والاهتمام بحقوق النساء ودور المرأة، والتشجيع على نشر المساواة بين المرأة والرجل، لتثبيت أسس الاحترام والتفاهم فيما بينهما لخلق جوٍ أسَري صحّي للعائلة.
لكن ما إن علا رأس الحرية حتى سقط، وانقضّت عليه تداعيات الحجْر المنزلي لتزيد من حالات العنف الأسري. وأُعلن في هذا السياق عن مقتل طفلة سورية في طرابلس لا يتجاوز عمرها خمس سنوات بعد، وعن تعرّضها للضرب المبرّح على يد والدها، وذلك بحسب ما ذكرت "الوكالة الوطنية للإعلام". وتحدثت عن هذه الظاهرة جهاتٌ رسمية وجمعيات أخرى في لبنان، كما شهد الخط الساخن المخصّص لتلقي شكاوى العنف الأسري في قوى الأمن الداخلي ارتفاعاً بنسبة 100% في شهر آذار الماضي مقارنةً مع الشهر نفسه من العام الماضي، وذلك بعدما كانت هذه النسبة 86% في شهر شباط.

وأخيراً وليس آخراً، فإن العنف ليس سوى آلة هدم لطاقات المرأة المعطاء تمنعها من أن تظهر، وتنمو، وتعطي ثمارها الطيّبة، لأن سعادة المجتمع نابعةٌ من سلامة نسائه روحاً وفكراً، طالما تحرّرت المرأة من الضغوط التي يصطنعها الآخر، لأن المرأة هي أساس الحياة...

*هذه الصفحة مخصّصة لنشر الآراء والمقالات الواردة إلى جريدة "الأنبـاء".